للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رابعاً: إنَّ التابعين أجمعوا على اتِّباع الصَّحابة فيما ورد عنهم, والأخذ بقولهم, والفتيا به , من غير نكيرٍ من أحدٍ منهم, ولولا أنهم رأوا ذلك حُجَّةً , وإلا لما أطبقوا على الاتِّباع هذا الإطباق (١).

قال العلائي: "ومن أمعن النظر في كتب الآثار وجد التابعين لا يختلفون في الرجوع إلى أقوال الصَّحابي فيما ليس فيه كتابٌ ولا سُنَّةٌ ولا إجماع, ثم هذا مشهورٌ أيضاً في كلِّ عصرٍ لا يخلو عنه مستدِلٌ بها ,أو ذاكِرٌ لأقوالهم في كتبه" (٢).

ولا يقال: فيكون المخالِف في ذلك خارقاً للإجماع؛ لأن مخالفة الإجماع الاستدلالي والظنيِّ لا يقدح, وما ذكر آنفا يُعْتَبر من ذلك (٣).

وقال ابن القيم: " لم يزل أهل العلم في كلِّ عَصْرٍ ومِصْرٍ يحتجُّون بما هذا سبيله من فتاوى الصحابة وأقوالهم، ولا ينكره منكرٌ منهم، وتصانيف العلماء شاهدةٌ بذلك، ومناظراتهم ناطقةٌ به" (٤).

[المطلب الثالث: علاقة الاجتهاد في المناط بقول الصحابي.]

تظهر علاقة الاجتهاد في المناط بقول الصحابي في جوانب عديدة, من أهمها مايأتي:

أولاً: الصَّحابة رضي الله عنهم أعرف الناس بمعاني الكتاب والسُّنَّة, وأعلمهم بمناطات الأحكام , وأكثرهم تأهلاً للاجتهاد؛ وذلك لوجهين:

الوجه الأول: أنهم باشروا الوقائع والنوازل , وشاهدوا تصرُّفات الرسول الله صلى الله عليه وسلم في بيان أحكام الحوادث , وشاهدوا الأحوال التي نزلت فيها


(١) ينظر: البرهان (٢/ ١٣٦٠) , إعلام الموقعين (٦/ ٢٧ - ٢٩) , إجمال الإصابة في أقوال الصحابة (٦٦).
(٢) إجمال الإصابة في أقوال الصحابة (٦٧).
(٣) ينظر: إجمال الإصابة في أقوال الصحابة (٦٧).
(٤) إعلام الموقعين: (٦/ ٢٩).

<<  <   >  >>