للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النصوص, والمحالَّ التي تتغيَّر باعتبارها الأحكام , ووقفوا من أحوال النبي صلى الله عليه وسلم ومراده من كلامه على مالم يقف عليه غيرهم , فهم أعرف بالتأويل, وأعلم بالمقاصد (١).

ولذلك " فهم أقعد في فهم القرائن الحالية , وأعرف بأسباب التنزيل، ويدركون ما لا يدركه غيرهم بسبب ذلك، والشاهد يرى ما لا يرى الغائب" (٢).

الوجه الثاني: أنهم عربٌ فصحاء، لم تتغيَّر ألسنتهم، ولم تنزَّل فصاحتهم عن رتبتها العليا , فهم من أعرف الناس باللسان العربي الذي جرى عليه خطاب الشريعة (٣).

وبهذين الوجهين" كانوا أقعد بمفهوم الأحوال , ودلالات الأقوال" (٤).

وبناءً على ذلك فإنه متى ثبت عن الصَّحابي قولٌ أو عملٌ يقع مواقع الاجتهاد في الشريعة, ولم يُعْلَم له مخالفٌ من الصَّحابة, لزم العمل به, والاعتماد عليه؛ لأن فهمهم في الشريعة أتمُّ وأحرى بالتقديم (٥).

وقد كانوا رضي الله عنهم: " أعلم الناس بباطن الرسول وظاهره, وأخبر الناس بمقاصده ومراداته" (٦).

ولهذا كان" السلف والخلف من التابعين ومن بعدهم يهابون مخالفة الصحابة، ويتكثَّرون بموافقتهم، وأكثر ما تجد هذا المعنى في علوم الخلاف الدائر بين الأئمة المعتبرين؛ فتجدهم إذا عيَّنوا مذاهبهم قوُّوها بذكر من ذهب إليها من الصحابة، وما ذاك إلا لما اعتقدوا في أنفسهم وفي مخالفيهم من


(١) ينظر: العدة (٥/ ١١٨٧) , الإحكام للآمدي (٤/ ١٨٨) , الموافقات (٤/ ١٢٨) , إجمال الإصابة في أقوال
الصحابة (٦٤).
(٢) الموافقات (٤/ ١٢٨).
(٣) ينظر: الموافقات (٤/ ١٢٨).
(٤) بداية المجتهد: (٢/ ٦٧).
(٥) ينظر: الموافقات (٤/ ١٢٨ - ١٣٢).
(٦) مجموع الفتاوى: (٧/ ٥٠٣).

<<  <   >  >>