للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كذلك؛ لأنه من الأمور الحادثة، وما لا يفتقر أرجح من المفتقِر، فيكون البقاء أرجح من العدم وهو المدَّعى، والثاني: أن عدم الباقي يقل بالنسبة إلى عدم الحادث؛ لأن عدم الحادث يصدق على ما لا نهاية له، وأما عدم الباقي مشروطٌ فمتناه؛ لأن عدم الباقي بوجود الباقي, والباقي متناه، وإذا كان عدم الباقي أقلَّ من عدم الحادث كان وجوده أكثر من وجوده فيكون راجحاً (١).

رابعاً: لو لم يكن الظنُّ حاصلاً ببقاء ما تحقَّق، ولم يُظَنَّ له معارض، لكان الشَّكُّ في الزوجية ابتداء كالشك في بقاء الزوجية في التحريم والجواز, والتالي باطل, أما الملازمة ; فلأنه حينئذٍ لا فرق فيهما, وأما بطلان التالي فلأنّ التفرقة بينهما في التحريم والجواز ثابتةٌ بالإجماع, فإنَّ مَدَّ اليد إليها حرامٌ في الأول، بخلاف الثاني فإنه جائز.

وإنما حكموا بالتحريم في الأول ; لأن الحُرْمَة ثابتةٌ قبل الشَّك، والأصل بقاء الشيء على ما كان عليه، وبالجواز في الثاني ; لأن الجواز ثابتٌ قبل الشك، والأصل بقاء الشيء على ما كان عليه (٢).

[المطلب الثالث: علاقة الاجتهاد في المناط بالاستصحاب.]

تظهر علاقة الاجتهاد في المناط بالاستصحاب في جوانب عديدة, من أهمها ما يأتي:

أولاً: إن المجتهد لا يأخذ بدليل الاستصحاب إلا بعد البحث التامِّ في أدلة الكتاب والسُّنَّة والإجماع والقياس (٣).

قال ابن تيمية: " إذا كان المُدْرَكُ الاستصحابَ ونفيَ الدليل الشرعي فقد


(١) ينظر: الإبهاج (٣/ ١٧٢ - ١٧٣) , نهاية السول (٤/ ٣٧٠ - ٣٧٢).
(٢) ينظر: الإبهاج (٣/ ١٧٢) , بيان المختصر (٣/ ٢٦٤) , نهاية السول (٤/ ٣٦٩ - ٣٧٠).
(٣) ينظر: الفقيه والمتفقه (١/ ٥٢٦) , البحر المحيط للزركشي (٦/ ١٧).

<<  <   >  >>