للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الأول

حكم العمل بتخريج المناط

اتفق القائلون بأصل القياس على إثبات العمل بـ " تخريج المناط " - في الجملة - باعتباره نوعاً من أنواع الاجتهاد في العِلَّة، يُطْلَق على استنباط عِلَّة الحُكْم الذي دلَّ النصُّ أو الإجماعُ على حكمه، ولم يتعرَّض لبيان عِلَّته لا صراحةً ولا إيماءً، وذلك إما بمسلك المناسبة على جهة الخصوص، أو بأي مسلكٍ من مسالك العِلَّة المستنبَطة كما تقدَّم (١).

وقد نُسِب إلى الحنفية أنهم ينكرون العمل بـ " تخريج المناط "، ونسبة ذلك إليهم غير دقيقة؛ لأن الحنفية إنما ينكرون " تخريج المناط " إذا كان بمعنى الإخالة، وهم ينفون العمل بالإخالة؛ لأنهم يعتبرون أن عِلِّية الوصف لحُكْم شرعي أمرٌ شرعي، ولابدَّ من اعتبار الشرع له بنصٍّ أو إجماع (٢).

أما إذا كان " تخريج المناط " بمعنى النظر في إثبات العِلَّة لحُكْمٍ دلَّ النصُّ أو الإجماع عليه دون عِلَّته فالحنفية يقرُّون العمل بمعناه، وإن لم يضعوا له اسماً اصطلاحياً (٣).

والخلاف في إثبات العمل بـ " تخريج المناط " إنما يجري مع نفاة القياس ومنكريه كما صرَّح بذلك الغزالي (٤)، والآمدي (٥)،


(١) ينظر: (١٣٤).
(٢) ينظر: التقرير والتجير (٣/ ١٩٣)، تيسير التحرير (٤/ ٤٣).
(٣) ينظر: التقرير والتحبير (٣/ ١٩٣)، تيسير التحرير (٤/ ٤٣)، فواتح الرحموت (٢/ ٣٥٠).
(٤) ينظر: المستصفى (٣/ ٤٩١).
(٥) ينظر: الإحكام (٣/ ٣٨١).

<<  <   >  >>