للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحاجب الذي أطلق المُسمَّى على المسلك نفسه (١).

ووجْهُ ذلك: أن المناسبة والإخالة معنيان قائمان بالوصف المناسب - وهو الملائمة والموافقة - فلا يناسبهما التسمية بتخريج المناط، ولا التعريف بتعيين العِلَّة؛ إذ التخريج والتعيين فعلان للمُسْتَدِل (٢).

وبهذا يتضح أن أصحاب الاتجاه الثاني يعتبرون تخريج المناط بأنه: الاجتهاد في استنباط عِلَّة الحُكْم الذي دلَّ النصُّ أو الإجماعُ عليه دون عِلَّته، وذلك بمسلك المناسبة دون غيره من المسالك الاجتهادية الأخرى.

[تحليل اتجاهات الأصوليين والمقارنة بينها]

من خلال تأمل اتجاهات الأصوليين في المسلك الذي تُسْتَنْبَط به العِلَّة في تخريج المناط تبيَّن لي الآتي:

١ - أن أصحاب الاتجاهين اتفقوا على أن تخريج المناط يختصُّ بالعِلَل المُسْتَنْبَطَة، فالعِلَّة غير مذكورةٍ في النصِّ لا صراحةً ولا إيماءً، وعلى المجتهد أن يقوم باستخراجها (٣).

٢ - أن الاختلاف بين الاتجاهين في المسلك الذي تُسْتَنْبَط به العِلَّة في تخريج المناط إنما يرجع إلى الاصطلاح، وليس له أثرٌ معنوي، فأصحاب الاتجاه الأول اصطلحوا على إطلاق مسمى " تخريج المناط " على استنباط العِلَّة بأي مسلكٍ من مسالكها الاجتهادية المُعْتَبرة، وأصحاب الاتجاه الثاني اصطلحوا على إطلاق مُسمَّى " تخريج المناط " على استنباط العِلَّة بمسلك المناسبة دون غيره من المسالك الاجتهادية الأخرى، وهذا الاختلاف الذي


(١) ينظر: شرح المحلي على جمع الجوامع (٢/ ١٧٣).
(٢) ينظر: حاشية زكريا الأنصاري على شرح المحلي على جمع الجوامع (٣/ ٣٥٣)، الآيات البينات على شرح المحلي على جمع الجوامع (٤/ ١٢١)، حاشية ابن العطار على شرح المحلي على جمع الجوامع (٢/ ٣١٧)، سلم الوصول للمطيعي (٤/ ١٤٢)، نبراس العقول (٢٧٦).
(٣) ينظر: رسالة في أصول الفقه للعُكْبَري (٨٥)، المستصفى (٣/ ٤٩٠)، روضة الناظر (٣/ ٨٠٥)، الإحكام للآمدي (٣/ ٣٨٠)، نهاية الوصول (٧/ ٣٠٤٦)، الإبهاج (٣/ ٨٣)، البحر المحيط للزركشي (٧/ ٣٢٤)، التقرير والتحبير (٣/ ٢٤٥)، شرح الكوكب المنير (٤/ ٢٠٢).

<<  <   >  >>