للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يعود إلى الاصطلاح ليس له أثرٌ في إثبات العِلِّيَّةِ أو نفيها بمسلكٍ أو بآخر، وإذا كان الأمر كذلك فلا مشاحةَ في الاصطلاح.

٣ - أن أصحاب الاتجاه الأول اعتبروا العلاقة بين الاصطلاح ومعناه، فتخريج المناط سُمِّي بذلك لأنه: استخراج ما نيط به الحُكْم من خفاء وهو العِلَّة (١)، وهذا المعنى يصدق على استنباط العِلَّة بأي مسلكٍ من مسالكها الاجتهادية المُعْتَبرة.

أما أصحاب الاتجاه الثاني فقد أطلقوا مُسَمَّى " تخريج المناط " على استنباط العِلَّة بمسلك المناسبة فقط، وهذا يُعْتَبر اصطلاحاً أخصَّ من الأول، وهو أحد أفراد معانيه.

٤ - لم أجد أحداً من الأصوليين - حسب اطلاعي - ينازع صراحةً في إطلاق مُسمَّى " تخريج المناط " على استنباط العِلَّة بالسَّبْر والتقسيم أو الدوران أو أحد المسالك الاجتهادية الأخرى.

فالعِلَّة تثبت في تلك المسالك بالاستنباط كما تثبت كذلك في مسلك المناسبة ولا فرق، وغاية ما يثبت عن أصحاب الاتجاه الثاني أنهم يطلقون مُسمَّى " تخريج المناط " على استخراج العِلَّة بمسلك المناسبة، ويُصرِّحون بذلك عند تعريفهم لمسلك المناسبة والإخالة كما سبق ذكره (٢).

ولهذا فلا يَبْعُد أن يقال ذلك باعتبار أن المناسبة هي أهم مسالك العِلَّة الاجتهادية، أو يقال ذلك لأن باقي المسالك كالسَّبْر والتقسيم والدوران لا تستقل بالدلالة على العِلِّيِّة، بل لابد أن يَنْضَمَّ إليها المناسبة (٣).

وبناءً على ما تقدَّم فإن الاصطلاح الذي سأعتمده في بحثي هو إطلاق مُسمَّى " تخريج المناط " على: " الاجتهاد في استنباط عِلَّة الحُكْم الذي دلَّ


(١) ينظر: شرح تنقيح الفصول (٣٨٩)، شرح العضد على مختصر ابن الحاجب (٢/ ٢٣٩)، رفع الحاجب عن مختصر ابن الحاجب (٤/ ٣٣٠)، الإبهاج (٣/ ٨٣)، البحر المحيط للزركشي (٧/ ٢٦٢)، شرح الكوكب المنير (٤/ ١٥٢).
(٢) ينظر: (١٣١ - ١٣٢).
(٣) ينظر: نبراس العقول (٢٧٦).

<<  <   >  >>