للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والزعفران (١)، وأنها معدودةٌ من المطعومات أم لا؟ فيُحَتاج إلى نوعٍ من النظر في تحقيق معنى الطُّعم فيها أو نفيه عنها " (٢).

وهذا المعنى لا يقتصر على تحقيق وجود العِلَّة في الفرع، بل يعمُّ سائر الصور التي يشملها الاجتهاد في تحقيق المناط بما في ذلك القواعد الكلية والألفاظ والمعاني المطلقة.

وقد مثَّل الشاطبي لذلك بتحقيق معنى العدالة في المكلَّفين، فإذا " ثبت عندنا معنى العدالة شرعاً افتقرنا إلى تعيين مَنْ حصلت فيه هذه الصفة، وليس الناس في وصف العدالة على حدِّ سواء، بل ذلك يختلف اختلافاً متبايناً، فإذا تأملنا العدول وجدنا لاتصافهم بها طرفين وواسطة، طرفٌ أعلى في العدالة لا إشكال فيه ... كأبي بكر الصديق - رضي الله عنه - وطرفٌ آخر وهو أول درجةٍ في الخروج عن مقتضى الوصف، كالمجاوز لمرتبة الكفر إلى الحُكْم بمجرد الإسلام، فضلاً عن مرتكبي الكبائر المحدودين فيها، وبينهما مراتبٌ لا تنحصر، وهذا الوسط غامضٌ لابدَّ فيه من بلوغ حدِّ الوسع وهو الاجتهاد" (٣).

وبهذا الاعتبار ينقسم الاجتهاد في تحقيق المناط إلى قسمين:

[القسم الأول: تحقيق المناط الجلي.]

وصورته: أن يثبت المناط في بعض أفراده ثبوتاً واضحاً لا احتمال فيه.

ومثاله: ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أنه قال: " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الحصاة، وعن بيع الغرر " (٤).


(١) الزعفران: نباتٌ بصليٌّ منه أنواعٌ برِّيةٌ ونوعٌ صبغيٌّ طبيٌّ يستعمل للتداوي.
ينظر: تاج العروس (١١/ ٤٢٨)، المعجم الوسيط (١/ ٣٩٤)، " مادة: ز ع ف ر ".
(٢) أساس القياس: (٣٨).
(٣) الموافقات: (٥/ ١٢ - ١٣).
(٤) أخرجه مسلم في " صحيحه "، كتاب البيوع، باب بطلان بيع الحصاة والبيع الذي فيه غرر، رقم (٣٨٨١).

<<  <   >  >>