للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الأول

المسالك النقلية

وهي: الكتاب، والسُّنَّة، والإجماع، وقول الصحابي.

قال الغزالي: " .. وقد يُعْرَف - أي: ثبوت المناط في الفرع - بالأدلة الشرعيَّة النقلية " (١)، ثم ضَرَبَ على ذلك أمثلةً توضيحية كما سيأتي بيانه (٢).

ولمَّا ذكر ابن تيمية أن الرأي كثيراً ما يكون في تحقيق المناط نبَّه إلى أنه كما يُعْرَف ثبوت المناط في مُعَيَّنٍ بالرأي فكذلك قد يُعْرَف بالنصّ (٣)، أي: بالأدلة النقلية.

وبيان هذه المسالك على النحو الآتي:

[المسلك الأول: الكتاب.]

وهو أن يدلَّ القرآنُ الكريم على ثبوت مناط الحُكْم في بعض أفراده.

ومثاله: إباحة القرآن الكريم الزواجَ من غير المحرَّمات اللاتي ذُكِرْنَ في سورة النساء بقوله تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [النساء: ٢٤] ومن ذلك الزواج من مُطَلَّقَات الأدعياء، وقد حقَّق القرآن الكريم مناط هذا الحُكْم في إباحة زواج رسول الله صلى الله عليه وسلم بزينب بنت جحش (٤) رضي الله عنها لمَّا طلقَّها زيدٌ بن حارثة (٥) الذي قد تبنَّاه الرسول صلى الله عليه قبل النبوة، وذلك في قوله تعالى: {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا} [الأحزاب: ٣٧].


(١) شفاء الغليل: (٤٣٦).
(٢) ينظر: المرجع السابق (٤٣٧ - ٤٣٨).
(٣) ينظر: الاستقامة: (١/ ٧ - ٨).
(٤) هي: زينب بنت جحش بن رئاب الأسدية، أم المؤمنين رضي الله عنها، كانت زوجة زيد بن حارثة واسمها " بَرَّة "، فلما طلقها زيد رضي الله عنه تزوج بها النبي صلى الله عليه وسلم وسماها " زينب "، توفيت سنة (٢٠ هـ).
ينظر في ترجمتها: طبقات ابن سعد (٨/ ١٠١)، الاستيعاب (٤/ ١٨٤٩)، الأعلام للزركلي (٣/ ٦٦)
(٥) هو: زيد بن حارثة بن شراحيل الكلبي، صحابي جليل، اشترته خديجة بن خويلد رضي الله عنها، ثم وهبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم حين تزوجها، فتبناه النبي عليه الصلاة والسلام قبل الإسلام، ثم أعتقه، استشهد رضي الله عنه في غزوة مؤتة سنة (٨ هـ).
ينظر في ترجمته: طبقات ابن سعد (٣/ ٤٠)، الاستيعاب (٢/ ٥٤٢)، الأعلام للزركلي (٣/ ٥٧).

<<  <   >  >>