للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالمِثْلُ وَرَدَ في الشرع مطلقاً، والمطلوب من المجتهد تعيين أنواعه، فإذا قيل: الكبش مثلاً للضبع، والعنز مثلاً للغزال، والعَنَاق (١) مثلاً للأرنب، فهذا من تحقيق المناط في الأنواع، حيث اعتبر مناط المثلية جنساً، ثم أُثْبِتَ هذا المناط في بعض أنواعه الداخلة تحته دون النظر إلى أشخاصٍ معينة (٢).

فهذا القسم يتعلق النظر فيه بالاجتهاد في إرجاع كلِّ نوعٍ إلى جنسه ليشمله حكمه، حتى لا يبقى نوعٌ من الأنواع إلا ويتحقق مناطه بإدراجه تحت جنسٍ معين، ولا يتعلق النظر فيه بالاجتهاد في أشخاصٍ معينة.

[القسم الثاني: تحقيق المناط في الأشخاص أو الأعيان.]

ومن خلال تأمل الأمثلة التي أوردها الشاطبي (٣) يمكن بيان أن المراد به: إثبات مُتَعَلَّق الحُكْم - أي: مناطه - في أشخاصٍ معينة.

وهو نوعان:

النوع الأول: تحقيقٌ عام، وهو: إثبات مُتَعَلَّق الحُكْم من حيث هو في مكلَّفٍ ما من غير التفاتٍ إلى شيءٍ غير القبول المشروع بالتهيئة الظاهرة (٤).

وقد أوضح الشاطبي هذا المعنى بقوله: " وذلك أن الأول - أي: تحقيق المناط العام - نظرٌ في تعيين المناط من حيث هو لمكلَّفٍ ما؛ فإذا نظر المجتهد في العدالة مثلاً، ووجد هذا الشخص متصفاً بها على حسب ما ظهر له، أوقع عليه ما يقتضيه النصُّ من التكاليف المنوطة بالعدول من الشهادات، والانتصاب للولايات العامة أو الخاصة " (٥).

وهذا المعنى مبنيٌّ على أن الأصل في الأحكام أن تُنَزَّل على أفعال


(١) العَنَاق: الأنثى من أولاد المعز.
ينظر: لسان العرب (١٠/ ٢٧٤)، تاج العروس (٢٦/ ٢١٦) مادة: " ع ن ق ".
(٢) ينظر: الموافقات (٥/ ١٧).
(٣) ينظر: الموافقات (٥/ ٢٣).
(٤) ينظر: المرجع السابق (٥/ ٢٣).
(٥) المرجع السابق: (٥/ ٢٣).

<<  <   >  >>