للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكلامنا في هذا الموضع عن المناسب الذي شهد له أصلٌ معينٌ بالاعتبار، حيث ثبت أن الشارع رتَّبَ الحُكْم على وَفْقِهِ، وهو الوصف الذي يصلح أن يكون عِلَّةً للحُكْم.

[المطلب الرابع: صورة تخريج المناط بمسلك المناسبة.]

تقدَّم أن تخريج المناط هو: استنباط عِلَّة الحُكْم الذي دلَّ النصُّ أو الإجماعُ عليه من غير تعرُّضٍ لبيان عِلَّته لا صراحةً ولا إيماءً (١).

كما تقدَّم أن المناسبة هي: ملاءمة الوصف للحُكْم بحيث يحصل عقلاً من ترتيب الحُكْم عليه ما يصلح أن يكون مقصوداً من جلب منفعةٍ أو دفع مضرَّة (٢).

وإذا كان الأمر كذلك فإن تخريج المناط بمسلك المناسبة يعني: استنباط عِلَّة الحُكْم الذي دلَّ النصُّ أو الإجماعُ عليه من غير تعرُّضٍ لبيان عِلَّته لا صراحةً ولا إيماءً، وذلك بمجرَّد إبداء ملاءمة الوصف للحُكْم (٣).

وصورته: أن يَحْكَم الشارعُ في محلٍّ بحُكْمٍ، ولا يتعرض لبيان عِلَّة ذلك الحُكْم لا بصريح لفظٍ ولا بإيماء، فيستخرج المجتهد وصفاً ظاهراً منضبطاً يحصل من ترتيب الحُكْم عليه ما يصلح أن يكون مقصوداً من جلب مصلحةٍ أو دفع مضرَّة، ولا يجد غيرَه من الأوصاف الصالحة للعِلِّيِّة مثلَه ولا أولى منه، ويغلب على ظنِّه كون ذلك الوصف عِلَّةً لذلك الحُكْم فيعينه مناطاً له، ثم يستدل على ذلك بإظهار ملاءمة الوصف للحكم (٤).


(١) ينظر: (١٢٨).
(٢) ينظر: (١٤٩).
(٣) ينظر: شرح العضد على مختصر ابن الحاجب (٢/ ٢٩٣)، البحر المحيط للزركشي (٥/ ٢٥٧)، شرح المحلي على جمع الجوامع (٢/ ٢٧٣)، تيسير التحرير (٤/ ٤٣)، شرح الكوكب المنير (٤/ ١٥٢ - ١٥٣).
(٤) ينظر: نهاية الوصول (٧/ ٣٠٤١ - ٣٠٤٢)، الإبهاج (٣/ ٨٣)، شرح المعالم لابن التلمساني (٢/ ٣٥٦)، سلم الوصول للمطيعي (٤/ ١٤٢ - ١٤٣)، نشر البنود (٢/ ١٧١).

<<  <   >  >>