للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويستوي الحُكْم في ذلك سواءً قصد المكلَّفُ التوسَّلَ بالمباح إلى المنهي عنه أم لم يقصد، مع إن القصد إلى ذلك أشنع.

قال ابن القيم: " والشارع حرَّم الذرائع، وإن لم يُقصَد بها المحرَّم؛ لإفضائها إليه, فكيف إذا قصد بها المحرَّم نفسَه؟ " (١).

المطلب الثاني: حُجِّية سد الذرائع.

قاعدة سدِّ الذرائع حُجَّةٌ مُعْتَبَرةٌ في الأحكام الشرعيَّة , وأصلٌ جرى التصرُّف به في الكتاب والسُنَّة وعَمِل به الصحابة.

وقد ذهب إلى ذلك: المالكية (٢)، والحنابلة (٣).

وأصل سدِّ الذرائع معتبرٌ من حيث العمل به عند المذاهب الأربعة كافة, وإن حُكيَ الخلاف فيه (٤).

قال الشاطبي: "إنَّ سدَّ الذَّرائع أصلٌ شرعيٌّ قطعيٌّ متفقٌ عليه في الجملة، وإن اختلف العلماء في تفاصيله, وقد عمل به السَّلف بناءً على ما تكرَّر من التَّواتر المعنويّ في نوازل متعدِّدة دلّت على عموماتٍ معنويّة، وإنْ كانت النَّوازل خاصّةً ولكنها كثيرة" (٥).

ونفى القرافي أن يكون أصلاً خاصاً بمذهب مالك فقال: " فليس سدُّ الذرائع خاصّاً بمالك - رحمه الله - بل قال بها هو أكثر من غيره, وأصل سدِّها مجمعٌ عليه" (٦).


(١) إغاثة اللهفان: (١/ ٣٦١).
(٢) ينظر: الإشارة في معرفة الأصول للباجي (٣١٤) , شرح تنقيح الفصول للقرافي (٣٥٣) , الموافقات (٥/ ١٨٨) , نشر البنود (٢/ ٢٦٥).
(٣) ينظر: شرح مختصر الروضة للطوفي (٣/ ٢١٤) ,إعلام الموقعين (٤/ ٣٥٣) , شرح الكوكب المنير (٤/ ٤٣٤)
(٤) ينظر: الموافقات (٤/ ٦٨) و (٥/ ١٨٥) , شرح تنقيح الفصول للقرافي (٣٥٣) ,شرح مختصر الروضة للطوفي (٣/ ٢١٤) ,البحر المحيط للزركشي (٦/ ٨٢ - ٨٣).
(٥) الموافقات: (٢/ ٤٥).
(٦) الفروق: (٢/ ٣٣).

<<  <   >  >>