للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الثاني

تعريف تخريج المناط اصطلاحاً

تخريج المناط اصطلاحاً هو: استنباط عِلَّة الحُكْم الذي دلَّ النصُّ أو الإجماعُ عليه من غير تعرُّضٍ لبيان عِلَّته لا صراحةً ولا إيماءً (١).

ومثاله: قوله صلى الله عليه وسلم: " لا تبيعوا البُرَّ بالبُرِّ إلا مثلاً بمثل" (٢)، فإن هذا النصَّ لم يتضمن ما يدلُّ على عِلَّة تحريم الرِّبا في البُرِّ لا صراحةً ولا إيماءً، فيُجْتَهَد في استنباط عِلَّة الحُكْم بالنظر والاجتهاد القائم على الدلائل الشرعيَّة، فيقال -مثلاً-: عِلَّة تحريم الرِّبا في البُرِّ الطعم، أو الاقتيات، أو الكيل، أو غير ذلك (٣).

وهذا المعنى تكاد تتفق عليه تعريفات الأصوليين، إلا أنهم اختلفوا بعد ذلك في نوع المسلك أو الطريق الذي تُسْتَنْبَط به العِلَّة في تخريج المناط: هل يُقْتَصَرُ في " تخريج المناط " على استخراج العِلَّة بمسلك المناسبة، أو يشمل كلَّ مسالك العِلَّة الاجتهادية سواءً المناسبة، أو السَّبْر والتقسيم، أو الدوران؟

وحاصل أنظار الأصوليين في الاصطلاح على ذلك تتمثل في اتجاهين:

الاتجاه الأول: ذهب أصحابه إلى أن العِلَّة في تخريج المناط تُسْتَنْبَط بأي


(١) ينظر: رسالة في أصول الفقه للعُكْبَري (٨٥)، المستصفى (٣/ ٤٩٠)، روضة الناظر (٣/ ٨٠٥)، الإحكام للآمدي (٣/ ٣٨٠)، نهاية الوصول لصفي الدين الهندي (٧/ ٣٠٤٦)، الإبهاج (٣/ ٨٣)، البحر المحيط للزركشي (٧/ ٣٢٤).
(٢) سبق تخريجه: (٤٩).
(٣) ينظر: المراجع السابقة.

<<  <   >  >>