للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أجمع المسلمون، وعُلِم بالاضطرار من دين الإسلام، أنه لا يجوز لأحدٍ أن يعتقد ويفتي بموجِب هذا الاستصحاب والنفي إلا بعد البحث عن الأدلة الخاصَّة إذا كان من أهل ذلك، فإنَّ جميع ما أوجبه الله ورسوله، وحرَّمه الله ورسوله مُغيِّراً لهذا الاستصحاب، فلا يُوثَق به إلا بعد النظر في أدلة الشرع لمن هو من أهل ذلك" (١).

وقال ابن القيم: " لايجوز الاستدلال بالاستصحاب لمن لا يعرف الأدلة الناقلة" (٢).

وقال الزركشي: " وهو- أي: الاستصحاب- حُجَّةٌ يفزع إليها المجتهد إذا لم يجد في الحادثة حُجَّةً خاصَّة" (٣).

ولهذا يُعْتَبر الاستصحاب " آخر مدار الفتوى" (٤)، و" آخر متمسك ... الناظر" (٥) , و"آخر قَدَمٍ يخطو بها المجتهد إلى تحصيل حُكْم الواقعة" (٦).

وذلك لأن " المفتي إذا سُئِل عن حادثةٍ يطلب حكمها في الكتاب، ثم في السُّنَّة، ثم في الإجماع، ثم في القياس، فإن لم يجده فيأخذ حكمها من استصحاب الحال في النفي والإثبات، فإن كان التردُّد في زواله فالأصل بقاؤه، وإن كان في ثبوته فالأصل عدم ثبوته " (٧).

وهذه الأدلة التي يلزم الرجوع إليها لا تثبت بها الأحكام إلا متعلِّقةً بمناطاتها, إمَّا نصَّاً أو استنباطاً , فلامناصَ -حينئذٍ- من الاجتهاد في المناط تنقيحاً وتخريجاً وتحقيقاً.

قال الخطيب البغدادي: " ليس يلزمه - أي: المجتهد- الانتقال عن


(١) مجموع الفتاوى: (٢٩/ ١٦٥ - ١٦٦).
(٢) إعلام الموقعين: (٣/ ١٠٥).
(٣) البحر المحيط: (٦/ ١٧).
(٤) المرجع السابق: (٦/ ١٧).
(٥) البرهان: (٢/ ١١٣٥).
(٦) إجابة السائل شرح بغية الآمل: (٢١٧).
(٧) البحر المحيط: (٦/ ١٧).

<<  <   >  >>