للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالقصد وعدمه أمرٌ باطنٌ لا يُدْرَكُ شيءٌ منه، فنيط القصاص بما يلازم العمدية من أفعالٍ مخصوصةٍ تقضي في العرف عليها بكونها عمداً كاستعمال الجارح في القتل (١).

وقوله: (منضبط) أي: لا يختلف باختلاف الأشخاص والأزمان والأمكنة والأحوال، وهو قيدٌ في التعريف احتُرِزَ به عن الوصف المضطرب كالمشقة، فلا تعتبر وصفاً مناسباً لقصر الصلاة في السفر؛ لأنها ذات مراتبٍ تختلف باختلاف الأشخاص والأزمان والأمكنة والأحوال، فنيط الترخيص بوصفٍ منضبطٍ وهو السفر الذي يُعْتَبر مَظِنَّة المشقة (٢).

وقوله: (يلزم من ترتيب الحُكْم على وفقه ... إلى آخره) قيدٌ في التعريف احتُرِزَ به عن الوصف الطردي كالطول والقِصَر والسواد والبياض؛ لأنها ليست أوصافاً مناسبةً يحصل من ترتيب الحُكْم عليها ما يصلح أن يكون مقصوداً من شرع ذلك الحُكْم (٣).

واحتُرِزَ به - أيضاً - عن الوصف الشبهي (٤)؛

لأنه لا يلزم من ترتيب


(١) ينظر: شرح العضد على مختصر ابن الحاجب (٢/ ٢٣٩)، رفع الحاجب عن مختصر ابن الحاجب (٤/ ٣٣١)، الردود والنقود للبابرتي (٢/ ٥٣٨)، حاشية التفتازاني على شرح العضد على مختصر ابن الحاجب (٢/ ٢٣٩)، سلم الوصول للمطيعي (٤/ ٧٧).
(٢) ينظر: شرح العضد على مختصر ابن الحاجب (٢/ ٢٣٩)، رفع الحاجب عن مختصر ابن الحاجب (٤/ ٣٣١)، الردود والنقود للبابرتي (٢/ ٥٣٨)، شرح المحلي على جمع الجوامع (٢/ ٢٧٦)، حاشية العطار على شرح المحلي على جمع الجوامع (٢/ ٣١٩ - ٣٢٠)، سلم الوصول للمطيعي (٤/ ٧٧).
(٣) ينظر: (١١٨ - ١١٩).
(٤) الوصف الشبهي هو: الوصف الذي لم تظهر مناسبته بعد البحث التام، ولكن عُهِدَ من الشارع الالتفات إليه في بعض الأحكام.
ومثاله: إيجاب غسل النجاسة بالماء دون غيره عند الشافعي؛ لأن الطهارة لا تجوز بغير الماء كما في طهارة الحدث، فهنا لا مناسبة بين وصف الطهارة وبين وجوب استعمال الماء بذاته في ذلك، ولكن عُهِدَ من الشارع اعتبار الطهارة بالماء في الوضوء ومسِّ المصحف والطواف والصلاة، فهذا يوهم اشتمال الطهارة على المناسبة بينها وبين الحكم بوجوب غسل النجاسة بالماء دون غيره.

ينظر: المستصفى (٢/ ٣١١)، الإحكام للآمدي (٣/ ٣٧١ - ٣٧٢)، شرح العضد على مختصر ابن الحاجب (٢/ ٢٤٤)، البحر المحيط للزركشي (٥/ ٢٣١)، شرح المحلي على جمع الجوامع (٢/ ٢٨٦ - ٢٨٧)، تيسير التحرير (٤/ ٥٣).

<<  <   >  >>