للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والعدوان - لا يؤثر كلُّ واحدٍ منهما على انفرادٍ، وإنما التأثير بمجموعها (١).

ثانياً: أن الدوران قد وُجِدَ فيما لا دلالة له على العِلِّيَّة، كدوران أحد المتلازمين المتعاكسين، ومن ذلك المتضايفان (٢) كالأبوَّة والبنوَّة، فإنه كلما تحقق أحدهما تحقق الآخر، وكلما انتفى أحدهما انتفى الآخر، وليس أحدهما عِلَّةً للآخر، فإذا كان الدوران قد يُوجَدُ من غير أن يكون عِلَّةً دلَّ ذلك على عدم دلالته على العِلِّيَّة (٣).

واعتُرِضَ عليه: بأن الدوران الذي يفيد ظنَّ العِلِّيَّة هو الذي لم يَقُمْ دليلٌ على عدم عِلِّيَّة المدار فيه، أي: الخالي عن المُزَاحِم، أمَّا ما ذكرتم من الصور التي تخلَّفت عنه العِلِّيَّة فيها فليس من الدوران الذي يفيد ظنَّ العِلِّيَّة؛ لأنه ليس خالياً عن المُزَاحِم، ولذلك فلا يقدح ما ذكرتم في الدوران الذي هو حُجَّةٌ عندنا (٤).

ثالثاً: أنه لم يُؤْثَرْ عن الصحابة رضي الله عنهم أنهم يتعلَّقون بالطَّرْد والعَكْس، وليس هو في معنى طلب المصالح في شيءٍ حتى يقال: استرسالهم في طريق الحُكْم بالمصالح من غير تخصيص شيءٍ منها يقتضي التعلُّق بالطَّرْد والعَكْس (٥).


(١) ينظر: المحصول (٥/ ٢١٦)، نهاية الوصول (٨/ ٣٣٥٥)، شرح مختصر الروضة للطوفي (٣/ ٤١٥)، الإبهاج (٣/ ٧٦ - ٧٧)، نهاية السول (٤/ ١٢٨).
(٢) المتضايفان هما: المتقابلان الوجوديان اللذان لا يجتمعان في محلٍّ واحدٍ من جهةٍ واحدة، كالأبوة والبنوة فإنهما قد يجتمعان في محلٍّ واحدٍ ولكن من جهتين مختلفتين، فيكون أباً لشخص وابناً لشخص آخر.
ينظر: التعريفات للجرجاني (٢٠٨)، كشاف اصطلاحات الفنون (٢/ ٤٦٨)، المعجم الفلسفي (٢/ ٣١٨ - ٣١٩).
(٣) ينظر: الإحكام للآمدي (٣/ ٣٧٦ - ٣٧٧)، بيان المختصر للأصفهاني (٣/ ١٣٨)، رفع الحاجب عن مختصر ابن الحاجب (٤/ ٣٥٣)، شرح العضد على مختصر ابن الحاجب (٢٤٧)، التقرير والتحبير (٣/ ١٩٨)، تيسير التحرير (٤/ ٥٠)، فواتح الرحموت (٢/ ٣٥٤).
(٤) ينظر: المحصول (٥/ ٢١٦)، نهاية الوصول (٨/ ٣٣٥٧ - ٣٣٥٨)، الإبهاج (٣/ ٧٦)، نهاية السول (٤/ ١٢٥)، البحر المحيط للزركشي (٥/ ٢٤٥).
(٥) ينظر: البرهان (٢/ ٨٣٨).

<<  <   >  >>