وجوداً وعدماً، ولم يقم دليلٌ على عدم عليِّة المدار فيه، ولم توجد عِلَّةٌ أخرى لهذا الحُكْم سوى ذلك الوصف، فإنه حينئذٍ يتعين عِلَّةً لذلك الحُكْم.
ومثاله: العنب حين كونه عصيراً ليس بمُسْكِرٍ ولا مُحَرَّم، حيث اقترن عدم الحُكْم وهو التحريم بعدم الوصف وهو الإسكار، فإذا صار مُسْكِرَاً صار محرَّماً، حيث اقترن ثبوت الحُكْم وهو التحريم بثبوت الوصف وهو الإسكار، فإذا تخلَّل لم يكن مسكراً ولا مُحَرَّماً، حيث اقترن عدم الحُكْم وهو التحريم بعدم الوصف وهو الإسكار، فيعيِّن المجتهدُ - حينئذٍ- وصفَ الإسكار "عِلَّةً " لحُكْم التحريم في الخمر؛ لأنه وجد أن الحُكْم يدور مع ذلك الوصف وجوداً وعدماً (١).
وبهذا يتضح أن مسلك الدوران أحد الطرق المُعْتَبرة التي يَعْتَمِدُ عليها المجتهدُ في تخريج المناط.
(١) ينظر: المحصول (٥/ ٢٠٧)، نهاية الوصول (٨/ ٣٣٥١)، شرح تنقيح الفصول (٣٩٦)، شرح مختصر الروضة للطوفي (٣/ ٤١٣)، الإبهاج (٣/ ٧٣)، نهاية السول (٤/ ١١٨)، البحر المحيط للزركشي (٥/ ٢٤٣)، شرح المحلي على جمع الجوامع (٢/ ٢٨٨ - ٢٨٩)، شرح الكوكب المنير (٤/ ١٩٢)، إرشاد الفحول (٢/ ٩١٧).