للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيتحقق فيه اسم الفقر، فهو من أهل الوصية، ومنهم من لا حاجة به ولا فقر وإن لم يملك نصاباً، وبينهما وسائط، كالرجل يكون له الشيء ولا سعة له، فينظر فيه: هل الغالب عليه حُكْم الفقر أو حُكْم الغنى؟ (١).

- من القواعد القضائية: " البيِّنة على المُدَّعِي واليمين على من أنكر" (٢)، فالقاضي لا يمكنه الحُكْم في واقعة، بل لا يمكنه توجيه الحجاج ولا طلب الخصوم بما عليهم، إلا بعد فهم المُدَّعِي من المدَّعَى عليه، وهو أصل القضاء، ولا يتعين ذلك إلا بنظرٍ واجتهادٍ، وردِّ الدَّعاوى إلى الأدلة، وهو تحقيق المناط بعينه (٣).

فهذه الأمثلة وأشباهها (٤) التي أوردها الشاطبي تقريراً لمعنى تحقيق المناط عنده تُنَبِّه على انه اجتهادٌ لا يقتصر على إثبات عِلَّة حُكْم الأصل في الفرع، بل يشمل إثبات مُتَعَلَّقِ كلِّ حُكْمٍ في بعض جزئياته، ويستوي في ذلك أن يكون مُتَعَلَّقِ الحُكْم ثبت بالنصِّ أو الإجماعِ أو الاستقراءِ أو كان عِلَّةً أو معنىً كلياً.

مناقشة التعريفات والمقارنة بينها:

من خلال التأمل في التعريفات السابقة والموازنة بينها تبين لي الآتي:

أولاً: إن تعريفات الأصوليين لـ " تحقيق المناط " تمثِّل - في الجملة - اتجاهين:

الاتجاه الأول: يقصر أصحابُه تحقيقَ المناط على إثبات عِلَّة حُكْم الأصل في الفرع.

ثم اختلفوا في نوع العِلَّة التي يُطْلَبُ إثباتها في الفرع، وذلك على مذهبين:


(١) ينظر: المرجع السابق (٥/ ١٣ - ١٤).
(٢) ينظر: القواعد للحصني (٤/ ٢٤٤)، الأشباه والنظائر للسيوطي (٥٠٩).
(٣) ينظر: الموافقات (٥/ ١٥ - ١٦).
(٤) كتقدير النفقات الواجبة، وأروش الجنايات، وقيم المتلفات، واعتبار المثل في جزاء الصيد وغيرها.
ينظر: الموافقات (٥/ ١٤ - ١٨).

<<  <   >  >>