للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال صفي الدين الهندي: " والحقُّ أن تنقيح المناط قياسٌ خاصٌّ مندرجٌ تحت مُطْلَق القياس، وهو عامٌّ يتناوله وغيرَه " (١).

واصطلح الحنفية على تسميته بـ" الاستدلال "، أو "دلالة النص", وفرَّقوا بينه وبين القياس: بأن القياس يجري فيه إلحاق الفرع بالأصل بذكر الجامع الذي لا يفيد إلا غَلَبَة الظن، أما الاستدلال فيكون بإلغاء الفارق لما ثبت عِلَّته بالنصِّ بحذف خصوص عِلَّةً النصِّ، وهذا يفيد القطع، فيكون أقوى من القياس، فلذا أجروه مجرى القطعيات في النسخ به ونسخه (٢).

وقال الإسنوي: " وهذا النوع عند الحنفية يُسَمُّونه بالاستدلال، وليس عندهم من باب القياس " (٣).

وقد عقَّب صفي الدين الهندي على ذلك بقوله: " والحقُّ أن تنقيح المناط قياسٌ خاصٌّ مندرجٌ تحت مُطْلَق القياس، وهو عامُّ يتناوله وغيره، وكلُّ واحدٍ من القياسين- أعني ما يكون الإلحاق بذكر الجامع وبإلغاء الفارق - يُحْتَمَلُ أن يكون ظنياً وهو الأكثر؛ إذ قلما يوجد الدليل القاطع على أن الجامع عِلَّة، أو أن ما به الامتياز لا مدخل له في العِلِّية، وقد يكون قطعياً بأن يوجد ذلك فيه، نعم حصول القطع فيما فيه الإلحاق بإلغاء الفارق أكثر من الذي فيه الإلحاق بذكر الجامع، لكن ليس ذلك فرقاً في المعنى بل في الوقوع، وحينئذٍ ظهر أنه لا فرق بينهما في المعنى" (٤).

وذهب الأبياري وابن تيمية إلى أن " تنقيح المناط " خارجٌ عن باب القياس المتنازع فيه، وهو راجعٌ إلى نوعٍ من تأويل الظواهر يتناول كلَّ حُكْمٍ تعلَّق بعينٍ معينةٍ مع العلم بأنه لا يختصُّ بها، فيحتاج أن يعرف المناط الذي تعلَّق به ذلك الحُكْم.


(١) نهاية الوصول: (٨/ ٣٣٨١).
(٢) ينظر: نهاية الوصول (٨/ ٣٣٨١)، الابتهاج (٦/ ٢٣٩٦)، البحر المحيط للزركشي (٧/ ٣٢٣).
(٣) نهاية السول: (٤/ ١٤١).
(٤) نهاية الوصول: (٨/ ٣٣٨١ - ٣٣٨٢).

<<  <   >  >>