للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وذهب الجويني (١) , وابن السمعاني (٢) , إلى عدم اعتباره من" الاستصحاب"؛ لأن الحُكْم ثبت فيه من جهة اللفظ في العموم , أو من جهة النصِّ في المُحْكَم , لا من جهة الاستصحاب (٣).

قال ابن السمعاني: "ولا يجوز أن يُسمَّى هذا استصحاب الحال؛ لأنَّ لفظ العموم دلَّ على استغراقه جميعَ ما يتناوله اللفظ في أصل الوضع في الأعيان وفى الأزمان, فأيُّ عينٍ وُجِدت ثَبَتَ الحُكْم فيها, وأيُّ زمانٍ وُجِد ثَبَتَ الحُكْم فيه, بكون اللفظ دالَّاً عليه, ويتناوله بعمومه, فيكون ثبوت الحُكْم في هذه الصورة من ناحية العموم ,لا من ناحية استصحاب الحال" (٤).

والذي يظهر أن المسألة لفظيَّةٌ اصطلاحيَّةٌ لا يترتَّب عليها حُكْمٌ كما أشار إلى ذلك الجويني بقوله: " فهذه مناقشةٌ لفظيَّةٌ؛ فإنه ثبت بالدليل القاطع قيام الدليل إلى يوم نسخه , فإن سَمَّى مسمٍّ هذا استصحاباً لم يُناقَش في لفظ , وليس مقصود الفصل منه بسبيل " (٥).

الرابع: استصحاب حُكْم الإجماع في محلِّ النزاع.

وهو: أن يُتَّفَق على حُكْم شرعيٍّ في حاله، ثم تتغير صفة المُجْمَع عليه، فيختلفون فيه، فيستدلُّ من لم يتغيَّر عنده الحُكْم باستصحاب الحال (٦).

ومثاله: إذا استدلَّ من يقول إن المتيمم إذا رأى الماء في أثناء صلاته لا تبطل صلاته؛ لأن الإجماع منعقدٌ على صحتها قبل ذلك، فاستصحب إلى أن يدلَّ دليلٌ على أن رؤية الماء مُبْطِلة (٧).


(١) البرهان: (٢/ ١١٣٥ - ١١٣٦).
(٢) قواطع الأدلة: (٣/ ٣٦٦ - ٣٦٧).
(٣) ينظر: البحر المحيط (٦/ ٢١) , إرشاد الفحول (٢/ ٩٧٧).
(٤) قواطع الأدلة: (٣/ ٣٦٦ - ٣٦٧).
(٥) البرهان: (٢/ ١١٣٦).
(٦) ينظر: العدة (٤/ ١٢٦٥) , الإبهاج (٣/ ١٦٩) , البحر المحيط للزركشي (٦/ ٢١) ,إرشاد الفحول (٢/ ٩٧٧ - ٩٧٨).
(٧) ينظر: العدة (٤/ ١٢٦٥ - ١٢٦٦) ,إعلام الموقعين (٣/ ١٠٤) , البحر المحيط للزركشي (٦/ ٢١ - ٢٢) , إرشاد الفحول (٢/ ٩٧٨).

<<  <   >  >>