للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولما ذكر الزركشي استصحاب الحُكْم الذي دلَّ الشرع على ثبوته ودوامه قال: " ومن صوره: تكرُّر الحُكْم بتكررُّ السبب " (١).

ثالثا: استصحاب العموم حتى يَرِدَ المُخصِّص أمرٌ معمولٌ به بالإجماع, كما حكى ذلك الزركشي (٢) , والشوكاني (٣).

ومن أنواع الاجتهاد في تحقيق المناط - كما تقدم - (٤): تحقيق مناط الحُكْم الثابت بنصٍّ عامٍّ في بعض أفراده الداخلة تحته.

وإثبات وجود مناط ذلك الحُكْم الثابت بنصٍّ عامٍّ في بعض أفراده يستند فيه المجتهد ابتداءاً إلى استصحاب عموم النصِّ الذي ثبت به مناط ذلك الحُكْم , ولايمنع المجتهد من استصحاب ذلك العموم إلا إذا ثبت تخصيصه بدليلٍ مُعتبَر.

ومثال ذلك: أن الرِّبا ثبت تحريمه بالكتاب والسُّنَّة والإجماع , ومن الأدلة على ذلك قوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: ٢٧٥] ولفظ"الرِّبا" من ألفاظ العموم؛ لأن الألف واللاَّم لاستغراق الجنس فتفيد العموم, فيستصحب عموم هذا النصِّ مالم يَرِد مُخصِّصٌ له.

واستناداً إلى هذا النوع من الاستصحاب يُجتهَد -حينئذٍ- في إثبات متعلَّق ذلك العموم في بعض أفراده الداخلة تحته , فيقال: يتحقَّق مناط تحريم الرِّبا الثابت بنصٍّ عامٍّ في ربا النسيئة , وربا الفضل , والقرض الذي جرَّ نفعاً, ونحو ذلك , حيث لم يَرِد مايخصِّص هذا الأفراد الداخلة تحت العموم بحُكْمٍ آخر (٥).


(١) البحر المحيط: (٦/ ٢٠).
(٢) ينظر: البحر المحيط (٦/ ٢١).
(٣) ينظر: إرشاد الفحول (٢/ ٩٧٧).
(٤) ينظر: (١٩٩).
(٥) ينظر: مجموع الفتاوى (١٩/ ٢٨٣)، منهاج السنة (٢/ ٢٨٧)، درء تعارض العقل والنقل (٧/ ٣٣٧).

<<  <   >  >>