العِلَّة، وهي: تنقيح المناط، وتخريجه، وتحقيقه، كما يشمل - أيضاً - المعنى الأعمّ لـ "تحقيق المناط" الذي يدخل تحته ثلاث صور (١):
الأولى: إثبات عِلَّة حكم الأصل في الفرع.
والثانية: إثبات مقتضى قاعدةٍ كليةٍ تعلَّق بها حكمٌ شرعيُّ في بعض جزئياتها.
والثالثة: إثبات معنى لفظ عامٍّ أو مطلَّقٍ تعلق به حكمٌ شرعيٍّ في بعض أفراده.
وعند المقارنة بين مُسَمَّى "الاجتهاد في المناط" حسب إطلاق الآمدي، ومُسَمَّى "الاجتهاد في العِلَّة" حسب إطلاق الغزالي ومن تبعه، فإني أجد مُسَمَّى "الاجتهاد في المناط" أكثر دِقَّةً وشمولاً للتعبير عن جميع الأفراد الداخلة تحته، ويرجع ذلك إلى أمرين:
أولهما: أن عادة الأصوليين جرت على إضافة الأنواع الثلاثة إلى أحد ألقاب العِلَّة وهو (المناط)، فاشتمال المُسَمَّى على نفس اللفظ وهو "المناط" أولى من اشتماله على لفظ " العِلَّة ".
ثانيهما: أن مُسمَّى "الاجتهاد في المناط" يصلح لِأَنْ يشمل "تحقيق المناط" بمعناه الأعمّ الذي هو إثبات معنىً تعلَّق به حُكْم شرعيٌّ في بعض أفراده، وبمعناه الأخصّ الذي هو إثبات عِلَّةِ حكم الأصل في الفرع.
أما مُسَمَّى "الاجتهاد في العِلَّة" فهو يُشْعِرُ بحصر النظر في العِلَّة فلا يدخل فيه "تحقيق المناط" بمعناه الأعمَّ إلا تَجَوُّزَاً.
ولهذا فقد اخترت مُسَمَّى "الاجتهاد في المناط" ليكون عنواناً لبحثي يعبِّر عن مضمونه كما يتداوله أهل هذا الشأن، وإذا ضُبِطَتْ المدلولات وتحرَّرَت المعاني فلا مُشَاحةَ في الاصطلاح.