للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بل إن ابن المنذر حكى الإجماع في ذلك فقال: " أجمع من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الحِمالة بجُعلٍ يأخذه الحميل، لا تحلّ ولا تجوز " (١).

وذلك لأنه في حال عدم وفاء المضمون عنه بالالتزام تجاه الطرف الثالث يكون الضامن ملزَماً بأداء الدَّين بناءً على عقد الضمان, وإذا أدَّاه وجب ذلك المبلغ المضمون عنه ,فصار الضمان في هذه الحالة كالقرض , فإذا أخذ عنه عوضاً صار قرضاً جرَّ نفعاً (٢).

وقد اجتهد مجلس مجمع الفقه الإسلامي في تحقيق مناط هذا الحُكْم في خطاب الضمان غير المُغطَّى؛ لأنه في حالة أداء الكفيل (البنك) مبلغَ الضمان فإنه يشبه القرض, فإذا أخذ البنك عنه عوضاً صار قرضاً جرَّ نفعاً على المقرِض، وهو محرَّمٌ شرعاً.

حيث ورد في القرار ما نصُّه: " إن الكفالة هي عقد تبرعٍ يُقصَد به الإرفاق والإحسان, وقد قرَّر الفقهاء عدم جواز أخذ العوِض على الكفالة؛ لأنه في حالة أداء الكفيل مبلغ الضمان يشبه القرض الذي جرَّ نفعاً على المقرِض، وذلك ممنوع شرعاً".

ولأن الأصل في الضمان أنه من عقود الإرفاق والإحسان، فإذا شرط الضامن لنفسه حقاً مالياً خرج عن موضوعه، فمنع صحته (٣).

وقد اجتهد مجلس مجمع الفقه الإسلامي في تحقيق مناط هذا الحُكْم في خطاب الضمان الذي يأخذ عليه البنك أجراً-عمولة - من العميل , سواء كان خطاب الضمان مُغطَّى كلياً أو جزئياً أو غير مُغطَّى , وذلك باعتبار أنه عقد كفالة, وعقد الكفالة من عقود التبرع التي يقصد بها الإرفاق والإحسان, ويجوز في هذه الحالة أن يأخذ البنك قيمة المصروفات الفعلية التي تكلِّفها عملية إصدار خطاب الضمان.


(١) ينظر: الإشراف على مذاهب أهل العلم (١/ ١٢٠).
(٢) ينظر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير للدردير (٣/ ٤٠٤) ,كشاف القناع (٨/ ١٤٦) ,الربا والمعاملات المصرفية, عمر المترك (٣٨٧).
(٣) ينظر: الأم (٣/ ٢٣٤)، المبسوط (٢٠/ ٨) ,الربا والمعاملات المصرفية, عمر المترك (٣٨٧).

<<  <   >  >>