للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد اجتهد مجلس المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي في تحقيق مناط القبض في معاملة التورّق المصرفي المنظَّم, فأثبت في القرار عدم تحقُّق القبض الشرعي في أكثر عقود التورّق المصرفي , واعتبر ذلك سبباً من أسباب عدم جواز هذه المعاملة.

حيث ورد في القرار ما نصّه -في سياق ذكر تعليل الحُكْم بعدم جواز التورّق المصرفي المنظَّم -: "أن هذه المعاملة تؤدي في كثيرٍ من الحالات إلى الإخلال بشروط القبض الشرعي اللازم لصحة المعاملة".

فالمصرف - غالباً- لايقبض السلعة ويحوزها من الأسواق العالمية قبضاً شرعياً أثناء إبرام عقد الشراء الذي وكَّلَه فيه العميل , وكذلك العميل فإنه لا يقبض تلك السلعة ويستوفيها أثناء عقد البيع الذي وكَّل فيه المصرف لبيعها , وكلُّ مايتم في ذلك إنما هو على الأوراق فقط؛ لأن وجود السلعة -هنا- أمرٌ صوريٌّ ليس مقصوداً لذاته.

حيث" إن السلعة التي ذُكِرَت للتحليل لا وجود لها، ولا يعلم المشتري عنها شيئاً، ولا يمكن أن يتم تسليمها، وإنما التعامل في أوراقٍ فقط، وأوراق المخازن الأصلية التي تثبت الملكية لا أحد يتسلمها أو يفكر في الحصول عليها، والذين يحصلون عليها للتسلُّم شركاتٌ عملاقةٌ تشتري بمئات الملايين أو بالمليارات، ويمكن لها التعامل في البورصة، أما المبالغ التي تودع في البنوك في هذا المنتج فهي ضئيلةٌ لا تصلح لشراء الأطنان من المعادن, لذلك وجدنا من هذه البنوك من يلغي السلعة أصلاً، ووجدنا كذلك من يصرِّح بأن العمليات تتم بالأوراق فقط، فالسلعة غير مقصودة" (١).

رابعاً: من ضوابط الاجتهاد في تحقيق المناط اعتبار مقاصد المكلَّفين , والنظر في حقائق العقود لامسمياتها أو أشكالها الصورية كما تقدم (٢).

وقد راعى مجلس المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم


(١) المنتج البديل للوديعة لأجل ـ أ. د. على السالوس: (١٣).
(٢) ينظر: (٢٤١ - ٢٤٤).

<<  <   >  >>