للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وذلك لأن الأصل تحريم النظر إلى عورة المرأة ولمسها ,ولاسيما العورة المغلَّظة التي لايجوز لغير زوجها النظر إليها أو لمسها , سواءً أكان الناظر أو اللامس رجلاً أو امرأة، ولكن أجاز الفقهاء كشف العورة ونظر الأجنبي إليها لدواعي الكشف الطبي والتعليم والحاجة إلى العلاج , باعتبار أن ذلك من الضرورات التي تبيح المحظورات , ولكن تُقدَّر بقدرها , فيقتصر النظر واللمس على قدر الضرورة أو الحاجة.

قال السرخسي: " وإذا أصاب امرأةً قرحةٌ في موضعٍ لا يحِلُّ للرجل أن يُنْظَر إليه ,لا يَنْظُر إليه ,ولكن يعلِّم امرأةً دواءَها لتداويها؛ لأن نظر الجنس إلى الجنس أخف ... وإن لم يجدوا امرأةً تداوي تلك القرحة ,ولم يقدروا على امرأةٍ تعلَّم ذلك إذا علمت , وخافوا أن تهلك أو يصيبها بلاءٌ أو وجعٌ لا تحتمله , فلا بأس أن يستروا منها كلَّ شيءٍ إلا موضع تلك القرحة, ثم يداويها رجلٌ ويغضُّ بصرَه ما استطاع إلا عن ذلك الموضع؛ لأن نظر الجنس إلى غير الجنس أغلظ ,فيُعتبَر فيه تحقُّق الضرورة ,وذلك لخوف الهلاك عليها" (١).

وقال ابن مفلح (٢): "فإن مرضت امرأةٌ ولم يوجد من يطبُّها غير رجلٍ جاز له منها نظر ما تدعو الحاجة إلى نظره منه حتى الفرجين" (٣).

وقال ابن قدامة: "ويباح للطبيب النظر إلى ما تدعو إليه الحاجة من بدنها من العورة وغيرها؛ فإنه موضع حاجة" (٤).

وقال ابن عابدين: "وينظر الطبيب إلى موضع مرضها بقدر الضرورة " (٥).

وقد ورد في القرار ما يؤكد ذلك المعنى , ويحقِّق مناطه في الصورتين


(١) المبسوط: (١٠/ ١٥٦ - ١٥٧).
(٢) هو: أبو عبدالله، شمس الدين، محمد بن مفلح بن محمد بن مفرج المقدسي الصالحي، أعلم أهل عصره
... بمذهب الإمام أحمد بن حنبل، من مؤلفاته: الفروع (ط)، والآداب الشرعية (ط)، وأصول الفقه (ط)،
... وغيرها توفي بدمشق سنة (٧٦٣ هـ).
ينظر في ترجمته: الدرر الكامنة (٤/ ٢٦٢)، المقصد الأرشد (٢/ ٥١٩)، الأعلام للزركلي (٧/ ١٠٧).
(٣) الآداب الشرعية: (٢/ ٤٤٢).
(٤) المغني: (٦/ ٥٥٨).
(٥) حاشية ابن عابدين: (٥/ ٢٣٧).

<<  <   >  >>