للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وثبت بتقرير الأطباء المختصين أن الجنين تعرَّض لتشوُّهٍ خطيرٍ غير قابلٍ للعلاج، وأنه إذا بقي وولد في موعده، ستكون حياته سيئة، وآلامًا عليه وعلى أهله.

فإذا ثبت ذلك بتقرير الأطباء الثقات المختصين فحينئذٍ يتحقق مناط جواز إسقاط الجنين في هذه الحالة أيضاً , وهو من تحقيق المناط بالاعتماد على قول أهل الخبرة.

ثانياً: من ضوابط الاجتهاد في تحقيق المناط الموازنة بين المصالح والمفاسد أثناء اجتماعها في محلِّ الحكم كما تقدم (١).

وقد راعى مجلس المجمع الفقهي هذا الضابط في الحالة التي يكون فيها الجنين قد بلغ مائةً وعشرين يوماً , وأثبت فريقٌ من الأطباء المختصين الثقات أنه تعرَّض لتشوُّهٍ خطير , وأن بقاءه يهدد حياة الأم , ففي هذه الحالة تمت الموازنة بين مفسدة إسقاط الجنين وقد بلغ مائة وعشرين يوماً , وبين مفسدة إزهاق روح الأم , فقرر المجلس في هذه الحالة جواز إسقاط الجنين حمايةً لحياة الأم التي هي الأصل, وذلك من باب دفع أشد الضررين بارتكاب أخفهما , كما أن حياة الأم في هذه الحالة متيقنة، وبقاء هذا الجنين حياً بعد الولادة أمرٌ مشكوك فيه.

ثالثاً: ثبت بنصِّ السُّنَّة أن نفخ الروح في الجنين إنما يكون بعد مضي مائةٍ وعشرين يوماً على الحمل، كما جاء ذلك في حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق، فقال: " إنَّ أحدكم يُجْمَع خلْقُه في بطن أُمِّه أربعين يوماً نطفة، ثم علقةً مثل ذلك، ثم مضغةً مثل ذلك , ثم يُرسَل إليه الملَك فينفخ فيه الروح .. " (٢).

وبناءً على ذلك فقد أناط مجلس المجمع الفقهي تحريم إسقاط الجنين


(١) ينظر: (٢٤٥ - ٢٥٦).
(٢) أخرجه البخاري في "صحيحه" , كتاب بدء الخلق , باب ذكر الملائكة , رقم (٣٢٠٨) , وأخرجه مسلم في "صحيحه" , كتاب القدر , باب كيفية خلق الآدمي في بطن أمه ,رقم (٢٦٤٣).

<<  <   >  >>