للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأولى: إثبات العِلَّة في حُكْم الأصل، وهي إما منصوصةٌ اقترن بها من النصوص ما لا يصْلُح لِلْعِلِّية فيتعلَّق النظر فيها بتنقيح المناط، أو مُسْتَنْبّطَةٌ فيتعلَّق النظر فيها بتخريج المناط.

الثانية: إثبات وجود عِلَّةِ الأصل في الفرع، وهو تحقيق المناط.

ولا ريب أن ثبوت المقدمة الثانية يستلزم ثبوت المقدمة الأولى، وهو ما يقتضي أن تكون متأخرةً عنها، فناسب تأخير تحقيق المناط عن تنقيحه وتخريجه.

أما إذا كان تحقيق المناط بالمعنى الذي تكون فيه القاعدة الكلية متفقاً أو منصوصاً عليها، ويُجْتَهد في إثبات وجودها في بعض الجزئيات والصور، فهو نوع اجتهادٍ لا يُحْتَاجُ فيه إلى تنقيح المناط ولا تخريجه، وحينئذٍ لا يُتَصَوَّر بينه وبين تنقيح المناط أو تخريجه تقديمٌ ولا تأخير.

ولهذا قال الغزالي: " وهذا لا خلاف فيه بين الأُمَّة، وهو نوع اجتهاد، والقياس مختَلفٌ فيه " (١).

وقال ابن قدامة: " وأما النوع الأول فليس ذلك قياساً، فإن هذا مُتَفَقٌ عليه، والقياس مُخْتَلَفٌ فيه " (٢).


(١) المستصفى: (٣/ ٤٨٧).
(٢) روضة الناظر: (٣/ ٨٠٢ - ٨٠٣).

<<  <   >  >>