للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعمومات, وما يرجع إلى ذلك منزَّلاتٌ على أفعال مطلقاتٍ كذلك , والأفعال لا تقع في الوجود مطلقة , وإنما تقع معينةً مشخصةً , فلا يكون الحكم واقعاً عليها إلا بعد المعرفة بأن هذا المعين يشمله ذلك المطلق أو ذلك العام " (١).

٤ - الاجتهاد في المناط يتعلق بجميع الأدلة الشرعية، ولا يخلو دليلٌ شرعيٌّ من تعلُّقٍ بأحد أنواعه الثلاثة.

٥ - الاجتهاد في المناط سببٌ من أهم أسباب اختلاف المجتهدين في عامة أبواب الشريعة.

فالناظر في كثيرٍ من المسائل الخلافية بين المجتهدين في القديم والحديث يجد أن من أهم أسباب الاختلاف في تلك المسائل ما يرجع إلى الاختلاف في مناط الحكم ,ومعرفة المحكوم فيه على حقيقته, وما يدخل فيه وما لا يدخل ,ومكونات الأشياء ومميزاتها ,وخصائص الأعيان وأوصافها, وأسباب الأفعال ومآلاتها, ونحو ذلك مما له تأثيرٌ في الحكم حسب نظر المجتهد.

وكما يقول ابن رشد القرطبي: " لربما اتفقوا على مضمون القاعدة الأصولية أو الفقهية إلا أنهم يختلفون في تحققها في الواقعة والنازلة المعروضة " (٢).

٦ - كثرة الوقائع والحوادث التي تختلف أحكامها بحسب اختلاف مناطاتها، وهو ما يستوجب ضبط الاجتهاد في طلب أحكام تلك الوقائع وتحقيق مناطاتها, والإسهام بجهدٍ تأصيليٍّ وتطبيقيٍّ في هذا الموضوع.

ولا شك أن التقصير في هذا النوع من الاجتهاد يفضي إلى تنزيل الأحكام الشرعية على صورٍ متشابهةٍ في الظاهر متباينةٍ في الحقيقة, كما يفضي إلى صرف الحكم الشرعي عن بعض أفراده المنطبقة عليه.

قال الشاطبي: " الشريعة لم تنصّ على حكم كلِّ جزئيةٍ على حِدتها ,


(١) الموافقات: (٥/ ١٧).
(٢) بداية المجتهد: (١/ ٤٥٨).

<<  <   >  >>