[حقوق بني هاشم وقريش والأنصار والعرب]
قال رحمه الله تعالى: [واعرف لبني هاشم فضلهم لقرابتهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتعرف فضل قريش والعرب وجميع الأفخاذ، فاعرف قدرهم وحقوقهم في الإسلام، ومولى القوم منهم، وتعرف لسائر الناس حقهم في الإسلام، واعرف فضل الأنصار ووصية رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم، وآل الرسول فلا تنساهم، واعرف فضلهم وكراماتهم، وجيرانهم من أهل المدينة فاعرف فضلهم].
هذا أيضا ما يتعلق بحقوق العباد فيما بينهم، وهي تتدرج، فمنها ما هو عام ومنها ما هو خاص ومنها ما هو أخص، فكما نعرف أن لكل مسلم على أخيه المسلم حقاً، وأن للعلماء حقاً وللولاة حقاً على عموم المسلمين، فكذلك هناك حقوق أخص لفئات من المسلمين نوه الله بحقوقهم وأوصى بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأول حق للعباد يجب على الجميع هو حق رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولذلك ورد في الحديث الصحيح أنه لا يصح إيمان المسلم حتى يكون الرسول صلى الله عليه وسلم أحب إليه من نفسه ومن ولده والناس أجمعين.
ثم قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضاً لهم حق خاص، وهم بنو هاشم.
ثم أيضاً قريش كلها، فقد ورد في أحاديث صحيحة أن قريشاً أفضل العرب، وأفضل قريش بني هاشم، وأفضل بني هاشم محمد صلى الله عليه وسلم، وهذه الحقوق لا بد أن يكون لها اعتبارها.
وقال: (وجميع الأفخاذ)، يعني أفخاذ قريش، والعرب أيضاً وأفخاذ العرب؛ لأن العرب لهم مزيد فضل عن بقية الأمم، وهذا الفضل يؤخذ من عموم النصوص، لكن ذلك لا يعني العصبية، إنما يعني فضل الاصطفاء الذي ذكر فيه النبي صلى الله عليه وسلم أن الله اصطفى من الأمم خيرها وهم العرب، ومن العرب خيرها وهم قريش، ومن قريش خيرها وهم بنو هاشم، ومن بني هاشم خيرها وهو النبي صلى الله عليه وسلم، فالعرب هم أفضل الأمم من مقتضى عموم كثير من النصوص، فلا بد أن يُعرف لهم قدرهم لكن ذلك كما قلت مشروط بتمسكهم بدين الله عز وجل.
قوله: (فاعرف قدرهم وحقوقهم في الإسلام)، أي: أما إذا خرجوا من الإسلام فلا حق لهم.
قوله: (ومولى القوم منهم).
المولى يُطلق على صنفين: الصنف الأول هم الرقيق، سواء كانوا في الرق أو تحرروا من الرق فإنهم يعتبرون موالي، ولولايتهم لسادتهم تبعات وعلى سادتهم تبعات، فالمولى يلحق سادته في جملة الحقوق وليس في جميعها فإنه لا يلحق بهم بالنسب مثلاً.
الصنف الثاني من الموالي الأحلاف بين قبائل العرب، وهذا يحدث كثيراً حيث تحالف قبيلة القبيلة الأخرى فتصيران تحت اسم واحد أحياناً، ولذلك نجد كثيراً من قبائل العرب تتشكل من مجموعات من العرب فتتسمى باسم جديد أو تحت شعار جديد، وهذا لا حرج فيه.
قال: (وتعرف لسائر الناس حقهم في الإسلام)، هذا الحق العام كما ذكرت.
ثم قال: (واعرف فضل الأنصار)، وهذا على سبيل التمثيل وإلا فالمهاجرون أفضل من غيرهم في الجملة، لكن الأنصار هم الذين آووا الرسول صلى الله عليه وسلم وآووا المهاجرين.
(واعرف فضل الأنصار ووصية رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم، وآل الرسول صلى الله عليه وسلم فلا تنساهم، واعرف فضلهم وكراماتهم)، المقصود هنا بالكرامات معنيان: المعنى الأول ما أكرمهم الله به من الفضل، وهذا هو الظاهر، وقد يعني بذلك النوع الثاني وهو الكرامات التي يكرم الله بها بعض عباده، قد تكون في آل البيت عند بعض الناس أكثر أو أظهر، والله أعلم.
ثم ذكر: (وجيرانهم من أهل المدينة فاعرف فضلهم)؛ لأنهم يشملهم فضل أهل المدينة، والنبي صلى الله عليه وسلم نوه بفضلهم ودعا لهم في أكثر من مرة، وقربهم من الرسول صلى الله عليه وسلم وصحبتهم له جعلتهم أقرب من غيرهم.