للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[علاقة المسلمين بنهاية الألف عام أو بدايته]

السؤال

هل للمسلمين علاقة بالألفية؟

الجواب

مسألة الألفية لا علاقة للمسلمين بها، أعني التعلق بنهاية الألفي عام، بعض الناس يظن أن الألفية هي نهاية عام (١٩٩٩)، وليس كذلك بل بعد (١٩٩٩) تدخل السنة الأخيرة من الألف الثانية من ميلاد المسيح إن صح تاريخ هذا الميلاد، مع أن فيه نظراً كبيراً؛ ولذلك مما يحتج عليهم بتنبؤاتهم الكاذبة أن الميلاد بهذا التاريخ فيه شك كبير.

لكن على أي حال أقول: إنه لا علاقة للمسلم بهذه الألفية إطلاقاً، فالمسلم لا يتعلق دينه ولا مصيره ولا مصائر الأمم عنده بشيء من الأرقام أو الحسابات أو السنين أو المئات أو الألوف، وكل من يتعلق بالألف أو المائة أو العشرة هم الأمم الهالكة التي ليست على دين صحيح، فهي تعيش أوهاماً، خاصة اليهود والنصارى والرافضة الآن كلهم متعلقون بالألفية.

الرافضة سمعت لهم أشرطة في تعلقهم بهذا الألف الذي نحن فيه لا يقل عن تعلق اليهود والنصارى الذين صنعوا دين الرافضة والمجوس.

فالشاهد أن المسلم ليس له علاقة ولا ينبغي أن يتعلق قلبه وتوهماته ولا مصيره ولا اهتماماته بالألف الذي نحن فيه ونهايته، أو بداية الألف القادم.

أما اليهود والنصارى والأمم الأخرى فلهم اعتقادات، هذه الاعتقادات كانوا يرحلونها، ففي فترات قديمة من الزمان كانوا يعتقدون أنه بعد مائة سنة من موت المسيح سيحدث شيء، وبعد المائتين، وبعد الثلاث، وبعد الأربع، وبعد الخمس، وبعد الست ما حصل شيء، ثم تعلقوا بالألف الأول، وجاءهم شيء عظيم من الإرجاف والدجل والكذب في الألف الأول من التاريخ الميلادي السابق، وعلقوا به آمالاً أشد من تعليق المعاصرين؛ لأن أولئك كانوا أكثر تديناً، ولكن تبخرت آمالهم.

وهؤلاء أيضاً ستتبخر آمالهم بإذن الله جزماً في هذه الألفية، فهم يعتقدون أن في نهاية هذا الألف ستحدث أحداث جسام تغير معالم الدنيا وتغير العالم تكون في صالحهم، واليهود يجزمون بأن الأحداث ستكون في صالحهم، والنصارى يجزمون بأن هناك أحداثاً كونية ستحدث وأنها في صالحهم، يعتقدون أنه سيخرج مهدي أو رسول أو نبي أو مصلح إلى آخره، أو ملك بالنسبة لليهود من نسل داود يتوج ويحكم مملكة إسرائيل العظمى، ويحكم العالم، والنصارى كذلك، ولذلك كل نبوءاتهم متعلقة بأجزاء من فلسطين، وبدءوا يمهدون للاحتفالات بهذا.

لكن في الحقيقة هم يذكرون الشيء الذي يعجبهم ولا يذكرون ما لا يعجبهم، فيجاريهم ضعاف المسلمين خاصة بعض المثقفين والمفكرين، وبعض المؤسسات الغوغائية جارتهم في مثل هذه التوقعات والتوهمات.

العجيب أن لهم نبوءات من عشر سنين، (٩١) و (٩٢) و (٩٣) و (٩٤) و (٩٥) و (٩٦) و (٩٧) بالذات و (٩٨) و (٩٩) التي نحن فيها، فهذه الثلاث علقوا بها أشياء كثيرة ما حدث منها شيء بحمد الله، بل الذي يحدث عكسها، لكنهم لا يعلنون ما يسوءهم، وأكثركم ربما سمع بنبوءاتهم عن شهر إبريل الماضي، وأنه يحدث فيه حدث عالمي عظيم، حتى إن بعضهم عطل حياته وعطل وظيفته وترك البناء وهجر بيته.

فالشاهد أن التعلق بالألفية من خرافات الأمم الوثنية، وما يقولونه من نبوءات تتعلق بأحداث كبرى هم متخرصون كاذبون، وقد يحدث الله عز وجل شيئاً، لكن لا يحدث ما يوافق نبوءاتهم.

فلذلك أقول: لا نبالغ في النفي ولا الإثبات، نحن نجزم بأن ما يقولونه لن يكون، لكن لا نبالغ بأنه لن يحدث من العوارض الكونية شيء؛ لأن الله عز وجل يتصرف في خلقه كما يشاء، فقد تحدث فيضانات أو زلازل، كما يحدث في سائر السنين، فلذلك لو حدث شيء لا قدر الله؛ فيجب أن لا نربطه بتوهماتهم.

مثلاً: هذه السنة كثرت الزلازل، لكن كثرت لأنها سنة من السنين التي قدر الله فيها الزلازل، لا لأنها نهاية الألفين.

ويجب أن نعتقد هذا جازمين بأنه لا علاقة لما يمكن أن يحدث بنبوءاتهم إن حدث، وإلا فأنا متفائل أن الله عز وجل سيخيب آمالهم، ولن يحدث شيء على الأقل من باب ألا تكون نبوءاتهم فتنة للناس، إلا أن يعاقبنا الله عز وجل بسبب التعلق بأذيالهم.

فالشاهد أن التعلق بالألفية من خرافات الأمم ولا علاقة لها بالإسلام، وأن الإسلام لم يعلق مصائر الأمة ولا مصير أحد من الناس ولا شيء من الأحداث بهذه السنين، والسنين كلها واحدة يقدر الله فيها ما يشاء، فيجب على المسلمين أن يتنبهوا ولا يجاروا ما يحدث في الإعلام وما يشيعه ضعفاء النفوس، وما يحدث من الأمم الآن من التهيب والتحفز والاستعدادات الضخمة التي يستعدون بها.

وينبغي أيضاً إشاعة هذا الأصل بين الناس اليوم؛ لأن الهواجس والوساوس قد انتشرت بين أبناء المسلمين، وقد قال لي أحد الشباب: إنه ذهب ليشتري جهازاً من الأجهزة فلقيه آخر فقال: لا تشتر حتى ينتهي عام (١٩٩٩م) فقلت: لقد أخطأ في التقدير، وكان المفروض أن يقول لك: حتى ينتهي عام (٢٠٠٠) لأن الألفية الثالثة لا تبدأ إلا في بداية سنة ألفين وواحد.

فهذا مسلم دخله الوهن الوسواس، ولو قدر أن قامت الساعة بعد مائة سنة أو ألف سنة فهل يعني هذا أن المسلمين يتواصون بعدم الاستمرار في عمارة الدنيا وعبادة الله عز وجل؟ يقول النبي صلى الله عليه و

<<  <  ج: ص:  >  >>