قال رحمه الله تعالى:[والحلال ما شهدت عليه وحلفت عليه أنه حلال، وكذلك الحرام، وما حاك في صدرك فهو شبهة].
الشيخ هنا يقرر القاعدة الفطرية لا القاعدة الشرعية؛ لأن مسألة الحلال والحرام تتبين بأمور: أولها: النصوص، فالحلال ما أحلّه الله والحرام ما حرمه الله، وقد جاءت النصوص في بيان أن الأصل في الأمور الحل، وأن الحرام ما نُص عليه أو دخل في قاعدة من القواعد التي يتبين بها الحرام من خلال النصوص الشرعية أو الإجماع، هذا أمر.
الأمر الآخر: أن هناك درجة أخرى للتمييز بين الحلال والحرام بعد النصوص الشرعية، وهو الفطرة والعقل السليم، فإن الفطرة والعقل السليم رُكّبت على أنها توافق الشرع في الإقرار بما أحله الله عز وجل والنفور مما حرمه الله.
وهو هنا يشير إلى المعنى الفطري في المسلمين الذين هم على الاستقامة، وهم عامة المسلمين الذين لم تدخلهم الشبهات ولا الشهوات، أما إذا دخلت على الإنسان الشبهات والشهوات فإنه قد يحلف على الحلال بأنه حرام والعكس كذلك، لأنه مسخت فطرته، وفسد عقله، وتبع هواه.
إذاً: فكلام الشيخ هنا ينطبق على المسلم العادي الذي هو على الفطرة في الأصل ولم ينجرف بالشهوات ولم ينحرف بالشبهات، فهذا يجد أن الحلال بيّن ويحلف عليه أنه حلال بمقتضى أنه يفقه دين الله عز وجل، وكذلك الحرام.
ثم قال:(وما حاك في صدرك فهو شبهة)، وهذا أيضاً للمسلم الذي لم تعتره الصوارف التي تصرفه عن مقتضى الفطرة من الشبهات في الشهوات، فإنه إذا بقي على الفطرة فإنه ينطبق عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم:(الإثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطّلع عليه الناس).