للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[بيان من هم أهل الحل والعقد]

أما من هم أهل الحل والعقد فإنهم يكونون بحسب حال المسلمين في أي زمان وفي أي مكان، وأساليب تحقيق الحل والعقد في الناس تختلف من عصر إلى عصر، ومن مكان إلى مكان، ومن أمة إلى أمة، فالعرب يختلفون عن العجم مثلاً في تحقيق وجود أهل الحل والعقد، لكن الصور المثلى أو الصور الظاهرة لأهل الحل والعقد على مدار التاريخ سواء منها ما ذكرته النصوص الشرعية أو ما عرف بالاستقراء كما يلي: أولاً: أهل الحل والعقد هم العلماء أهل الفقه في الدين الذين يهمهم أمر المسلمين، كما حدث بعد النبي صلى الله عليه وسلم من أئمة الصحابة، فهم أدركوا أن أهل الحل والعقد الجديرين بأن يكونوا هم أهل اختيار الولاية هم الذين تميزوا بالعلم الراسخ والفقه في دين الله عز وجل مع الرأي والمشورة، أي: تميزوا بصفات القيادة الشرعية والدنيوية، وهم أهل الشورى من الصحابة، وهذا هو الأمثل على مدار التاريخ.

فأول أهل الحل والعقد هم أهل العلم الذين يتوفر فيهم الفقه والرأي، ثم يليهم من دونهم ممن لهم اعتبار في الحل والعقد.

أحياناً أهل الحل والعقد يكون منهم الفاسق والفاجر لكنه مطاع في قومه، ولا يستتب أمر المسلمين إلا باعتباره، كرؤساء العشائر وقواد الجيوش وأمراء الأقاليم ونحو ذلك ممن له اعتبار في مصائر الناس بحيث يطاع وله رأي رشيد، فيدخل في عموم أهل الحل والعقد بحسب حال المسلمين.

وهذه الصور تكررت على مدار تاريخ الإسلام في القرون الأولى الفاضلة، فقد كان يعتبر من أهل الرأي من كان له اعتبار حتى لو لم يكن معروفاً بالفضل والاستقامة ما دام مطاعاً في قومه أو صاحب رأي سديد، وما دام له كيان كما نعبر في أسلوبنا المعاصر.

<<  <  ج: ص:  >  >>