للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[صور نصب الولاة والأئمة]

ثم ذكر صورة من صور الولاية وهي: (ومن ولي الخلافة بإجماع الناس عليه ورضاهم به فهو أمير المؤمنين).

الصورة المثلى لقيام الخلافة أو الولاية، هي أن تكون الخلافة بإجماع الناس، وإجماع الناس يتحقق بصور شتى، فغالباً ما يكون باتفاق أهل الحل والعقد؛ لأن الناس في شعائر الدين الكبرى مثل الحج والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفي مصالح الدنيا العظمى مثل البيعة والسمع والطاعة وغيرها، لا يتم أمرهم إلا بأهل الحل والعقد منهم، ومن سوى أهل الحل والعقد تبع لأهل الحل والعقد بالضرورة؛ لأن الدهماء والعامة والغوغاء والسواد الأعظم لا يمكن تحقيق رغبتهم جميعاً أو التعرف على آرائهم بطريق سليم، ولا يمكن أيضاً أن يكون عندهم من الفقه والرشد ما يجعلهم يعرفون المصالح العظمى للأمة كما يريد الله عز وجل، وكما هو على قواعد الشرع.

فعلى هذا فالإجماع ينعقد في مسألة الولاية والخلافة ببيعة أهل الحل والعقد، وهذه صورة من صور الولاية تتبعها أو تأتي دونها صور أخرى كالتغلب، فهو صورة من صور إقامة الإمامة في الدين، أما إمامة الناس في دينهم ودنياهم وهي الإمارة التي لها السمع والطاعة فقد تكون بالغلبة أيضاً، حتى لو لم يكن الأمر برضا أهل الحل والعقد، وبين الصورتين صور كثيرة.

ثم قال: [ولا يحل لأحد أن يبيت ليلة ولا يرى أن ليس عليه إمام].

بمعنى أنه لا يحل لمسلم أن يبقى ليلة ليس في عنقه بيعة ما دام أمر المسلمين قائماً، سواء كانت الولاية على الشروط الشرعية أو تخلفت فيها الشروط الشرعية، فيجب أن يكون في عنق المسلم بيعة للإمام الواقع أو للإمامة الحاصلة في وقته، سواء كان هذا الإمام متوفرة فيه شروط الإمامة أو لا تتوفر، فيجب على كل مسلم أن يكون في عنقه بيعة وألا يبيت ليلة إلا وعليه إمام براً كان أو فاجراً كما ذكر أهل العلم، بناء على الأحاديث الواردة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>