للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الدعاء على السلطان من علامات الهوى والبدعة]

إذا تأملت مقتضى النصوص الشرعية والمصالح الدينية والدنيوية تجد أنه لا يدعو على السلطان إلا أحد اثنين: إما صاحب هوى وهو الغالب، بمعنى أن عنده هوى سواء كان هذا الهوى هوى القلب أو ما يسمى هوى الاتجاه الذي هو اتباع الفرق.

بعض الناس قد يكون سبب دعائه على السلطان مبني على أمر شذ به عن جماعة المسلمين، إما اتجاه وإما حزب وإما فكر، فيكون عنده توجه معين يجعله يقف من السلطان الظالم والفاجر موقفاً يصل إلى الدعاء عليه، فلذلك لا يدعو على السلطان إلا متهور جاهل أو صاحب هوى؛ هذا في نظري، ولا أجد هناك صوراً أخرى، إلا أن يجتهد مجتهد فيقع في مثل هذا لكنه مع ذلك مخطئ، لأن من استساغ الدعاء على السلطان فهو مخالف لقواعد الشرع ولمقتضى العقل السليم، فإن العاقل لا يمكن أن يفعل مثل ذلك ما لم يكن يوجهه عن هذا أمر آخر صارف، وإلا فالهوى قد يصرف حتى العاقل عن مقتضى العقل.

فإذاً: هذا أمر مهم، بل العكس هو المطلوب شرعاً، وهو الدعاء للسلطان بأن يهديه الله وليس الدعاء عليه يعني: الذين استساغوا الدعاء على السلطان لم يقعوا في الهوى وخلاف السنة، بل وقعوا في مصادمة الأصل الشرعي تماماً، فبدلاً من أن يعملوا بالمشروع وهو الدعاء للسلطان أن الله يهديه ويوفقه ويصلحه دعوا عليه، ولو سكتوا لكان الأمر أسهل؛ لأن بعض الناس قد يجهل الأمر فيسعه السكوت، لكن أن يخالف القاعدة مخالفة صريحة فيدعو على السلطان هذه مسألة لا تستساغ شرعاً ولا عقلاً، وإن وقع فيها بعض المجتهدين فهذا زلل ينبغي أن ينبه عليه، وإلا فقد يجتهد طالب علم أو إنسان له حظه من الفقه، وقد يكون ممن يعرف بالإخلاص والصدق، لكن إذا وقع في هذا فهو مخطئ يجب أن ينبه على زلته ويرجع إلى الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>