قال رحمه الله تعالى:[وبدعة ظهرت هي كفر بالله العظيم، ومن قال بها فهو كافر بالله لا شك فيه، من يؤمن بالرجعة ويقول: علي بن أبي طالب حي وسيرجع قبل يوم القيامة، ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر ويتكلمون في الإمامة، وأنهم يعلمون الغيب فاحذرهم فإنهم كفار بالله العظيم ومن قال بهذا القول].
هذه إشارة إلى الرافضة، وهنا أخرج الرافضة من الفرق، وعلى هذا فإنها لا تدخل في الشيعة في أول الكلام الذي ذكره عن ابن المبارك في الفرق الأربع، لأن الرافضة خرجت من الملة بعدة أمور منها القول بالرجعة، ومنها كذبها على الرسول صلى الله عليه وسلم كذباً صريحاً، وخرجت من الملة بنسبتها البهتان إلى أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأنه قدح في عرض النبي صلى الله عليه وسلم، ثم إنها خرجت من الملة بتكفيرها للصحابة، وبردها للسنة رداً مطلقاً، وهي المصدر الثاني من مصادر الدين.
ثم خرجت الرافضة بزعمها العصمة للأئمة وأنهم فوق الأنبياء، ثم بموقفها العام من المسلمين، فإن الرافضة تتفق على أنها على غير دين المسلمين، ويعدون المخالفة من دينهم، وهم يسمون أنفسهم المسلمين، ويسمون أهل السنة الناصبة، ويسمونهم بأسماء أخرى، فهم بكل صراحة قد أخرجوا أنفسهم من الملة.
ولذلك أنا أعجب من تردد بعض طلاب العلم في مسألة الرافضة الآن! أناس لا يريدون الإسلام الذي نريده ونتعبد الله به، فلماذا يقحمهم بعض الناس فيه؟ وأنا وجدت في الآونة الأخيرة نصاً لأحد علمائهم يقرءونه ولا ينكرونه، يقول ما معناه: إن الرب الذي يدّعي الناصبة أنه أباح للنبي صلى الله عليه وسلم الزواج بـ عائشة هو غير ربهم، فهذا كلام نعمة الله الجزائري إمام الأئمة، وله كتاب آخر يدّعي فيه أن القرآن محرّف، وهو كتاب مشهور عندهم، وبعضهم ينكر ذلك، ولكن أنا لا أستبعد أن إنكار الكتاب من باب التقية.
فإذاً: الرافضة كما قال الشيخ كفروا بالله العظيم، وذكر أصلاً واحداً من الأصول التي كفروا بها، وهي كثيرة، وكل واحد منها فيما أعلم وحسب كلام الأئمة المجتهدين كاف للقول بأنهم رافضة، ومن أخفاها على الناس القول بالبدا، حيث يرون أن الله يبدو له أمر آخر فينكشف له ما لم يعلمه من قبل، ولذلك فسّروا كثيراً من الأشياء التي هي معضلة عليهم بذلك، مثل: جعل عائشة بنت أبي بكر تحت النبي صلى الله عليه وسلم، وأيضاً حفصة بنت عمر، ولماذا كان الصحابة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم بعد ذلك كفروهم وقالوا: لا يليقون بأنهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كل هذا يفسّرونه بأنه بدا الله، أي انكشف له أن الصحابة لا يستحقون ذلك، فهذا واحد من الأصول المغمورة عند الرافضة، فكيف بالعقائد الشهيرة! ومن ذلك: قولهم بنقص القرآن وتحريفه، ويعتقدون عقيدة المهدية والرجعة، وأنه سيظهر قرآن آخر غير الذي نتلوه، وهو مصحف فاطمة، وكلهم يعتقدون هذا، صحيح أن بعضهم يموّه على أهل السنة ويقول: نحن نعرف أن هذا القرآن الذي بين أيدينا غير محرف، لكن يعتقدون أن هناك قرآناً آخر، وغالبيتهم يرون أن هذا القرآن نفسه محرّف ومنقوص ومزيد، لكن بعضهم يموّه على بعض.
وبعض الناس يسأل عن عوامهم، فنقول: عوامهم مثل عوام المشركين، لكن الله أعلم بحال الأشخاص بأعيانهم، وقد يكون بعض الناس مسلماً مستضعفاً، والعامي الخالص منهم قد يكون يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ولا يعرف إلا مجملات الدين، لكن ما نسبة هذا إلى عوام الرافضة؟ لا ندري، قصدي أن الغالب أن هذا نادر جداً؛ لأن عموم الرافضة حتى العوام منهم يشركون بالله عز وجل في العبادة، فيدعون علياً ويدعون عباساً، ولا يستغني رافضي عن الأضرحة والمشاهد التي تمارس فيها الكفريات، هذا هو دين الرافضة الذي هم عليه الآن إلا النادر، والنادر لا حكم له، بل الحكم على العموم.
أما أن يفترض أن يوجد رافضي عامي يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ويقيم أركان الإسلام، ولا يعرف الشركيات، فهذا محتمل عقلاً، لكن الواقع غير ذلك، فلا نلغي الأحكام لمجرد احتمالات نادرة وقليلة، فيبقى الأصل هو أن هؤلاء القوم ليسوا من المسلمين، بل هم ديانة فارسية مجوسية، فلا علاقة لها بالإسلام إلا مجرد الاسم، والله أعلم.