قال المؤلف رحمه الله تعالى: [باب قول الله تعالى: {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ}[المائدة:٢٣]].
ووجه الدلالة من هذه الآية أنها تدل على التوكل، فقوله تعالى:{وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا}[المائدة:٢٣] أمر بالتوكل على الله، وهذا يدل على أن التوكل والاعتماد يكون على الله سبحانه وتعالى.
والدلالة الثانية هي في قوله تعالى:{إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ}[المائدة:٢٣]، فهي تدل على أن التوكل شرط في الإيمان، وأن زوال التوكل يزيل الإيمان، فيزيل أصل الإيمان أو يزيل كماله الواجب.
هو قوله تعالى:{وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ}[الأنفال:٢]، والآية كلها في موضوع الإيمان، وقد ذكرت أصنافاً متعددة من أنواع الإيمان، وآخرها يتعلق بالتوكل، وهو موطن الدلالة.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وقوله: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}[الأنفال:٦٤]].
قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}[الأنفال:٦٤] المقصود هنا عطف قوله: {وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}[الأنفال:٦٤] على الضمير المتصل بالمصدر وهو: {حَسْبُكَ اللَّهُ}[الأنفال:٦٤]، والمعنى: الله حسبك وحسب من اتبعك، والحسب هو الاعتماد والتوكل.
وقد فهم القبوريون الضالون من هذه الآية فهماً فاسداً، فظنوا أن العطف في قوله:{وَمَنِ اتَّبَعَكَ}[الأنفال:٦٤]، كائن على لفظ الجلالة، أي:((يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ))، ويا أيها النبي حسبك المؤمنون، وهذا شرك، وقالوا: فهذا يدل على أن التشريك في التوكل والاعتماد ليس من الشرك الأكبر، وهذا فهم فاسد، وقد أطال ابن القيم رحمه الله في الرد على هذه القضية في بداية زاد المعاد.