للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الرد على شبهة تكفير المشركين بغير عبادة الأصنام]

الشبهة السابعة: هي أنهم قالوا: إن سبب تكفير الله عز وجل للمشركين الأوائل ليس هو مجرد أنهم كانوا يعبدون غير الله كعبادة الأصنام، وإنما كانوا يكفرون بالقرآن، وبنبوة النبي صلى الله عليه وسلم، وبالإسلام، فكيف تشبهوننا بهؤلاء المشركين؟! فهؤلاء المشركين يكفرون بالقرآن ونحن نؤمن به! وهؤلاء المشركون يكفرون بنبوة النبي صلى الله عليه وسلم ونحن نؤمن بها! وهؤلاء المشركون يكفرون بالإسلام ونحن نؤمن به! فكيف تشبهوننا بهؤلاء؟ فنقول لهم في الرد

و

الجواب

إن الإنسان لو كان مؤمناً بكل أحكام الدين ثم أنكر الصلاة فقط فهل يكون كافراً أم لا؟ والجواب: أنه يكون كافراً بإجماع العلماء.

ولو كان مقراً بكل شيء وأنكر الزكاة فهل يكون كافراً أم لا؟ ولهذا قاتل الصحابة الذين أنكروا الزكاة وسموهم مرتدين، ولو أن إنساناً أقر بكل شيء في أحكام الدين إلا أنه أنكر الحكم بما أنزل الله، وقال: لا نحكم بما أنزل الله فهل يكون كافراً؟ والجواب: يكون كافراً.

إذاً: لا بد من أن يعلم الإنسان أن كونه مقر بالقرآن، وبنبوة النبي صلى الله عليه وسلم، وبالإسلام، مع إنكاره لشيء واحد لا يعني أنه يكون غير كافر، فإذا أنكر أمراً معلوماً من الدين بالضرورة -ولو كان أمراً واحداً- فإنه يكفر، حتى ولو كان يقول: لا إله إلا الله، ويصلي، ويصوم، ويزكي، أو كان يعمل أي عمل من الأعمال الصالحة، ما دام أنه أنكر أمراً معلوماً من الدين بالضرورة ليس فيه خلاف ولا إشكال.

وأنتم -أيها القبوريون- أنكرتم عبادة الله عز وجل، وصرفتم العبادة لغير الله، فلو أقررتم بنبوة الرسول، وأقررتم بالقرآن، وأقررتم بكل أحكام الإسلام، ثم صرفتم العبادة لغير الله عز وجل، فهذا وحده كاف في أن يكفركم وأن يخرجكم من الدين.

ولهذا فإن كثيراً من الناس يشغب على أهل السنة ويقول: هؤلاء تكفيريون، وهؤلاء يشتغلون بالتكفير، ونحن نقول: إن أي دين ليس فيه تكفير فإنه ليس بدين، إذ لا بد من أن يكون له حياض، وإلا فلو أن إنساناً جاءنا وأنكر نبوة النبي صلى الله عليه وسلم وكفرناه، فقال: لا تكونوا تكفيريين، فتركنا تكفيره، ثم جاء واحد آخر وأنكر القرآن فما كفرناه، ثم جاء آخر وأنكر وجود الله فما كفرناه، ثم جاء آخر وسب الله فما كفرناه، فإنه بهذه الطريقة لا يكون لنا دين أصلاً.

فنحن نكفر هؤلاء الذين أنكروا معلوماً من الدين بالضرورة وليقل الناس ما شاءوا، فلا يهمنا ذلك، بل ما يهمنا هو أننا منضبطون بالنصوص الشرعية، وأننا لا نكفر إلا من كفره الله، فلا نكفر اعتباطاً، وإنما نكفر من كفره الله سبحانه وتعالى، وكفره الرسول صلى الله عليه وسلم بالأدلة الواضحة البينة المقنعة التي ليس فيها إشكال ولا جدال.

والشيخ محمد بن عبد الوهاب في هذه الشبهة أطال الكلام في ذكر الأمثلة التي يكفر الإنسان بسببها، فذكر مثال الصلاة والحج والصيام وغير ذلك من الأحكام وأطال في ذلك وذكر أمثلة متعددة.

<<  <  ج: ص:  >  >>