للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[بيان عظمة الله تعالى وقدرته ومكانته]

قال المؤلف رحمه الله: [باب ما جاء في قول الله تعالى: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [الزمر:٦٧]].

هذا فيه بيان أن المشركين ما عظّموا الله عز وجل، ولا عرفوا قدره ومكانته وكبرياءه وعظمته، مع أن الأرض يوم القيامة ستكون في قبضة الله عز وجل، ولهذا ستأتي أوصاف تبيّن أن الله عز وجل هو الكبير المتعالي سبحانه وتعالى، وأنه صاحب الكبرياء سبحانه وتعالى، وتبيّن أن الإنسان إذا عظّم الله عز وجل فإنه يكون موحداً توحيداً صحيحاً، وكل ما سبق من نسبة النعمة لغير الله، أو عدم القناعة بحلف من حلف بالله عز وجل وهو من الصادقين المعروفين، أو من أقسم على الله وتألى عليه، أو استشفع به على غيره، أن كل ذلك يدل على عدم تعظيم الله عز وجل ومعرفة منزلة الله.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: (جاء حبر من الأحبار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد! إنا نجد أن الله يجعل السماوات على أصبع، والأرضين على إصبع، والشجر على إصبع، والماء على إصبع، والثرى على إصبع، وسائر الخلق على إصبع، ثم يقول: أنا الملك، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه، تصديقاً لقول الحبر، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [الزمر:٦٧]).

وفي رواية لـ مسلم: (والجبال والشجر على إصبع، ثم يهزهن فيقول: أنا الملك وأنا الله).

وفي رواية للبخاري: (يجعل السماوات على إصبع، والماء والثرى على إصبع، وسائر الخلق على إصبع) أخرجاه.

ولـ مسلم عن ابن عمر مرفوعاً: يطوي الله السماوات يوم القيامة، ثم يأخذهن بيده اليمنى، ثم يقول: أنا الملك، أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟ ثم يطوي الأرضين السبع، ثم يأخذهن بشماله، ثم يقول: أنا الملك، أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟.

وروي عن ابن عباس قال: ما السماوات السبع والأرضون السبع في كف الرحمن إلا كخردلة في يد أحدكم.

وقال ابن جرير: حدثني يونس، أنبأنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد: حدثني أبي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما السماوات السبع في الكرسي إلا كدراهم سبعة ألقيت في ترس).

قال: وقال أبو ذر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ما الكرسي في العرش إلا كحلقة من حديد ألقيت بين ظهري فلاة من الأرض).

وعن ابن مسعود قال: بين السماء الدنيا والتي تليها خمسمائة عام، وبين كل سماء خمسمائة عام، وبين السماء السابعة والكرسي خمسمائة عام، وبين الكرسي والماء خمسمائة عام، والعرش فوق الماء، والله فوق العرش لا يخفى عليه شيء من أعمالكم.

أخرجه ابن مهدي عن حماد بن سلمة عن عاصم عن زر عن عبد الله.

ورواه بنحوه المسعودي عن عاصم عن أبي وائل عن عبد الله.

قاله الحافظ الذهبي رحمه الله، قال: وله طرق.

وعن العباس بن عبد المطلب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (هل تدرون كم بين السماء والأرض؟ قلنا: الله ورسوله أعلم.

قال: بينهما مسيرة خمسمائة سنة، ومن كل سماء إلى سماء مسيرة خمسمائة سنة، وكثف كل سماء خمسمائة سنة، وبين السماء السابعة والعرش بحر بين أسفله وأعلاه كما بين السماء والأرض، والله سبحانه تعالى فوق ذلك، وليس يخفى عليه شيء من أعمال بني آدم).

أخرجه أبو داود وغيره].

هذا الباب الأحاديث المذكورة فيه كلها تدل على تعظيم الله عز وجل ومكانته وكبريائه سبحانه وتعالى، وقد عقده المصنف ليبيّن أمرين مهمين: الأمر الأول: أن تعظيم الله سبحانه وتعالى ومعرفة كبريائه سبحانه وتعالى، ومعرفة منزلة الله سبحانه وتعالى سبب في البعد عن الشرك في الربوبية، سواء في إنكار القدر، أو في الإقسام على الله، أو في التألي عليه، أو في الاستشفاع به على غيره من خلقه، أو نحو ذلك من أنواع القدح في الربوبية التي سبق أن أشرنا إليها.

الأمر الثاني: أنه أراد أن يختم كتابه (كتاب التوحيد) ببيان برهان من أعظم براهين توحيد الألوهية، وهو عظمة الله سبحانه وتعالى وكبرياؤه، فإن من عرف عظمة الله عز وجل وكبرياءه عرف أنه هو المعبود وحده، وأنه هو المستحق للعبادة وحده دون شريك، فهذا برهان من براهين توحيد الألوهية، ولهذا ختم به المصنف رحمه الله كتابه.

وبقي معنا موضوع واحد، وهو: إنكار توحيد الأسماء والصفات.

وهذا الدرس سميناه: الشرك في توحيد الربوبية والأسماء وا

<<  <  ج: ص:  >  >>