للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تعظيم قول اللسان وخطره]

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين، أما بعد: فهذا هو الدرس الأخير الذي به نختم كتاب التوحيد للشيخ المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى.

وهذا الدرس -إن شاء الله- سيكون محوره حول شرك الألفاظ، وقبل أن نستعرض الأبواب الموجودة في شرك الألفاظ أحب أن أنبه إلى مجموعة من القواعد المتعلقة بشرك الألفاظ، وقبل أن نبدأ بهذه القواعد أحب أن أمهد بقضية مهمة جداً، وهي قضية تعظيم قول اللسان وخطره.

فنحن نعلم أن الإنسان يحاسب على ثلاث جوارح، أولاً: القلب، ثانياً: جوارحه الظاهرة، ثالثاً: قول اللسان، يقول الله عز وجل: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} [الإسراء:٣٦] ويقول الله عز وجل: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق:١٨] فكل كلمة يتكلم بها الإنسان هو مسئول عنها يوم القيامة.

وجاء في حديث معاذ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أخبر بخطر اللسان قال: وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال: (ثكلتك أمك يا معاذ! وهل يكب الناس على وجوههم -أو قال: على مناخرهم- إلا حصائد ألسنتهم) فاللسان خطره عظيم، وكثير من الناس يتساهل في كلام اللسان وهذا خطأ، فالنكاح واستحلال الفروج يكون باللسان، والطلاق يكون باللسان، والكفر يكون باللسان، والإسلام يكون باللسان، فالإنسان يقول: (لا إله إلا الله، محمد رسول الله) فيدخل في الإسلام، ولو لم يقلها -حتى ولو كان مصدقاً بقلبه- لما دخل في الإسلام، والكفر يكون باللسان أيضاً، مثل الاستهزاء بالله أو برسله أو بآياته أو نحو ذلك، فهذا كله من الكفر ويكون باللسان، فاللسان شأنه شأن بقية الجوارح يحاسب عليه الإنسان استقلالاً.

ونقرأ أحياناً بعض الكلمات التي قد يتساهل بعض الناس فيها، فيستغرب الإنسان من اعتبارها من الشرك مع أنها أصبحت عادة كثيرٍ من الناس مع الأسف الشديد.

ونقول: نعم هذه من الشرك، وسيحاسب الإنسان عليها حتى ولو اتخذها بعض الناس عادة، وأصبحت أمراً مألوفاً في كلامه وخطابه.

إذاً: لا بد من أن يضبط المرء كلامه كما يضبط جوارحه وكما يضبط أعمال قلبه، فكل هذه الجوارح لا بد للإنسان من أن يضبطها بكلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>