للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أهمية توحيد الألوهية]

لهذا المحور الذي سنتحدث عنه أهمية كبيرة جداً؛ لأن الإنسان إذا عرف توحيد الألوهية علم أنه هو حقيقة الإسلام، ثم إذا أراد أن يتحدث عن أهمية الإسلام فإنه يجد شيئاً كثيراً، ولكننا سنحصر أنفسنا فيما ذكره الشيخ.

فقد ذكر الشيخ مجموعة من الأمور التي تدل على أهمية التوحيد: الأمر الأول: الحكمة أن من خلق الجن والإنس هي تحقيق توحيد الألوهية، فالله عز وجل ما خلق الناس في هذه الدنيا إلا ليوحدوه ويفردوه بالعبادة سبحانه وتعالى، والعبادة لا تصح إلا بهذا التوحيد، وهذا مذكور في قوله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات:٥٦].

الأمر الثاني: أن توحيد الألوهية هو حقيقة دعوة الرسل، فالرسل عليهم السلام حين جاءوا لدعوة أقوامهم جاءوهم بالدعوة إلى توحيد الألوهية؛ لأن توحيد الألوهية هو أصل الإسلام، فإذا آمن به الشخص؛ فلابد من أن يؤمن بتوحيد الربوبية معه، ولابد من أن يؤمن بتوحيد الأسماء والصفات معه أيضاً.

يقول الله عز وجل: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل:٣٦]، فقوله تعالى: ((أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ)) موافق للإثبات في (إلا الله)، ((وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ)) موافق للنفي في (لا إله)، ويمكن أن نستعرض القرآن ونستخرج منه كثيراً من الأمثلة بهذه الطريقة.

الأمر الثالث: أن توحيد الألوهية هو أول أمر أمر الله سبحانه وتعالى به، يقول الله عز وجل: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [الإسراء:٢٣]، فقوله: (وقضى) معناه: أمر ووصى، فأول أمر من الأوامر الشرعية أمر الله عز وجل به هو توحيد الألوهية، وهذا يدل على أهميته وفضله.

يقول الله عز وجل: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} [النساء:٣٦] في سياق جملة من الحقوق، فجعل توحيد الإلهية أول حق من الحقوق.

الأمر الرابع: أن الشرك هو أعظم محرم، فإذا كان التوحيد هو أعظم أمر أمر الله سبحانه وتعالى به، فالشرك الذي هو عكسه هو أعظم محرم في نفس الوقت، يقول الله عز وجل: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} [الأنعام:١٥١]، ولهذا قال ابن مسعود رضي الله عنه عن هذه الآية: من أراد أن ينظر إلى وصية محمد صلى الله عليه وسلم التي عليها خاتمه فليقرأ قوله تعالى: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} [الأنعام:١٥١] إلى قوله: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ} [الأنعام:١٥٣].

وهذه الآيات تسمى آيات الوصايا العشر، وقد بدأها الله سبحانه وتعالى بالتحذير من الشرك الذي هو رأس المحرمات.

الأمر الخامس: أن التوحيد حق لله سبحانه وتعالى، وهذا وارد في حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه عندما قال: (كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم على حمار فقال لي: يا معاذ! أتدري ما حق الله على العباد، وما حق العباد على الله؟ قلت: الله ورسوله أعلم، قال: حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً)، وهذا هو توحيد الألوهية، فقوله: (أن يعبدوه) بمعنى: (إلا الله)، (ولا يشركوا به شيئاً) بمعنى: (لا إله)، فهو نفس معنى (لا إله إلا الله).

ثم قال صلى الله عليه وسلم: (وحق العباد على الله ألا يعذب من لا يشرك به شيئاً.

قلت: أفلا أبشر الناس؟ قال: لا تبشرهم فيتكلوا).

إذاً: يمكن أن نبرز أهمية توحيد الألوهية باعتبار أنه لا يمكن أن يثبت للإنسان اسم الإسلام ووصفه وحقوق الإسلام إلا إذا جاء بتوحيد الألوهية، وأما إذا لم يأت بتوحيد الألوهية فإنه لا يثبت له شيء من أوصاف الإسلام؛ لما جاء في الحديث: (من قال: لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه، وحسابه على الله) يعني أن من لم يحقق ذلك فدمه حلال وماله حلال؛ لأنه ليس من المسلمين، وهذا يدل على أهمية توحيد الألوهية.

<<  <  ج: ص:  >  >>