للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ثمرة التوكل على الله]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وقوله: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق:٣]].

هذه الآية دلالتها ظاهرة، وفيها بيان ثمرة التوكل، وهي أن الله عز وجل حسبه وكافيه من كل شيء، {وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا} [النساء:٨١].

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: {حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} [آل عمران:١٧٣] قالها إبراهيم صلى الله عليه وسلم حين ألقي في النار، وقالها محمد صلى الله عليه وسلم حين قالوا له: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} [آل عمران:١٧٣]، رواه البخاري والنسائي].

قوله: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ} [آل عمران:١٧٣]، هؤلاء ركب قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم في غزوة أحد: إن أبا سفيان ومن معه سيغزونكم بعد هزيمتكم في أحد، وسيستأصلون شأفتكم ويزيلونكم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: {حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} [آل عمران:١٧٣]، يعني: كافينا الله عز وجل، و (نعم) من صيغ المدح، فقوله: {وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} [آل عمران:١٧٣] يعني: نعم المعتمد عليه سبحانه وتعالى.

ومن الفوائد في هذا الأمر ما ذكره ابن القيم في مقام التوكل على الله في كتابه مدارج السالكين، حيث يقول: (لو أن مؤمناً توكل على الله عز وجل في إزالة جبل لأزاله)، وهذا من الأشياء العجيبة التي ذكرها رحمه الله، فالتوكل على الله عز وجل يعطي قوة في الدنيا، كما أنه من مقامات الإيمان، ولهذا لما اجتمع العالم كله والتحالف الدولي على أفغانستان، وطلبوا منهم طلباً محرماً، فرفضوا وأبوا، وتوكلوا على الله عز وجل واعتمدوا عليه ووهبهم الله تعالى هيبة عدوهم لهم، ووقف موقفاً تاريخياً لا يمكن أن ينسى ضد دول الكفر، فالدولة المحاربة له ليست دولة واحدة، مع أنها لو كانت دولة واحدة لكانت كافية في إزالة نظام ضعيف من الناحية المادية كنظام طالبان، ومع ذلك لما اجتمع التحالف الدولي، والدول الصناعية ومن معها من المنافقين على هذه الجماعة المؤمنة، فتوكلوا على الله وصبروا أصبح أولئك وإلى الآن هم يخافونهم ويخشونهم، ويترددون في المواجهة معهم.

فالتوكل على الله يرزق الإنسان من القوة والصمود ومواجهة الباطل الشيء الكثير.

<<  <  ج: ص:  >  >>