للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الشفاعة وأقسامها]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [باب الشفاعة: وقول الله تعالى: {وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ} [الأنعام:٥١]، وقوله: {قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا} [الزمر:٤٤]، وقوله: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} [البقرة:٢٥٥]، وقوله: {وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَوَاتِ لا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى} [النجم:٢٦]، وقوله: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ} [سبأ:٢٢].

وقال أبو العباس: نفى الله عما سواه كل ما يتعلق به المشركون، فنفى أن يكون لغيره ملك، أو قسط منه، أو يكون عوناً لله، ولم يبق إلا الشفاعة، فبين أنها لا تنفع إلا لمن أذن له الرب، كما قال تعالى: {وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} [الأنبياء:٢٨]، فهذه الشفاعة التي يظنها المشركون هي منتفية يوم القيامة كما نفاها القرآن، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه يأتي فيسجد لربه ويحمده، ثم يقال له: ارفع رأسك، وقل تسمع، وسل تعط، واشفع تشفع، وقال له أبو هريرة: من أسعد الناس بشفاعتك يا رسول الله؟ قال: (من قال: لا إله إلا الله خالصاً من قلبه).

فتلك الشفاعة لأهل الإخلاص بإذن الله، ولا تكون لمن أشرك بالله، وحقيقته: أن الله سبحانه هو الذي يتفضل على أهل الإخلاص فيغفر لهم بواسطة دعاء من أذن له أن يشفع ليكرمه، وينال المقام المحمود.

فالشفاعة التي نفاها القرآن ما كان فيها شرك، ولهذا أثبت الشفاعة بإذنه في مواضع، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أنها لا تكون إلا لأهل التوحيد والإخلاص.

انتهى كلامه].

هذا النص مأخوذ من (قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة)، وبهذا يتبين من خلال النصوص الواردة في الشفاعة أنها تنقسم إلى قسمين: شفاعة منفية، وشفاعة مثبتة.

فأما الشفاعة المنفية: فهي الشفاعة التي ادعاها المشركون، وأما الشفاعة المثبتة: فهي الشفاعة الثابتة في القرآن والسنة بشروطها، وهي: الإذن، والرضا عن المشفوع بأن يكون من أهل التوحيد، ويكون ذلك يوم القيامة.

<<  <  ج: ص:  >  >>