للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الشرك في التسمي بقاضي القضاة وملك الملوك ونحو ذلك]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [باب التسمي بقاضي القضاة ونحوه.

في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن أخنع اسم عند الله رجل تسمى ملك الأملاك، لا مالك إلا الله)، قال سفيان: مثل شاهنشاه، وفي رواية: (أغيظُ رجل على الله يوم القيامة وأخبثه) قوله: (أخنع) يعني: أوضع].

هذا الباب فيه نهي عن التسمي بقاضي القضاة وما شاكله من الألفاظ، مثل (ملك الأملاك)، و (زعيم الزعماء) وهكذا، وقول سفيان: (مثل شاهنشاه) شاهنشاه لفظة فارسية يقصد بها ملك الأملاك، أي: الملك المطلق الكبير الذي يشرف على الملوك جميعاً، ووجه النهي عن هذه اللفظة، وعلاقتها بشرك الألفاظ هو أن فيها تشريكاً بين الله وخلقه، فمن يسمي ملكاً من الملوك قاضي القضاة فمعنى ذلك أن هذا الملك مشارك لله عز وجل في القضاء المطلق، والله عز وجل وحده هو الذي يقضي بين العباد، ولهذا سيأتي معنا النهي عن التسمي بالحكم؛ لأنه اسم من أسماء الله سبحانه وتعالى، ومعناه أيضاً خاصٌ بالله سبحانه وتعالى.

والحديث في الصحيح، والمنهي عنه نصاً هو ملك الأملاك، فقاس عليها الشيخ محمد بن عبد الوهاب (قاضي القضاة)، وإن كان النبي صلى الله عليه وسلم لم ينَه عن هذه اللفظة خاصة، ولهذا قال سفيان: (مثل شاهنشاه) ويقاس عليها غيرها من هذه الألفاظ.

وقاضي القضاة لفظة كانت تطلق عند علماء المشرق على القاضي الذي يكون مسئولاً عن جميع القضاة، وصارت تردد في كتب التراجم بشكل كبير، ولكن علماء المغاربة وعلماء الأندلس بوجه خاص كانوا يطلقون على القاضي الذي يشرف على القضاة جميعاً لفظاً أحسن من هذا، فقد كانوا يسمونه قاضي الجماعة، وهذا لفظ أحسن وأبعد عن التشريك في موضوع القضاء.

فهذا النوع داخل في نوع من الأنواع الأربعة، وهو التشريك بين الله وخلقه؛ لأن التشريك بين الله وخلقه قد يكون في التعظيم، أي: قد يكون اللفظ دالاً على التعظيم، وقد يكون التشريك في اللفظ بالواو مثلاً، وقد يكون في التسمية، وستأتي أمثله لهذا كله.

<<  <  ج: ص:  >  >>