للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الشرك في الأسماء]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [باب احترام أسماء الله تعالى وتغيير الاسم لأجل ذلك.

عن أبي شريح أنه كان يكنى أبا الحكم، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله هو الحكم وإليه الحكم، فقال: إن قومي إذا اختلفوا في شيءٍ أتوني فحكمت بينهم فرضي كلا الفريقين، فقال: ما أحسن هذا.

فمالك من الولد؟ قلت: شريح ومسلم وعبد الله، قال: فمن أكبرهم؟ قلت: شريح، قال: فأنت أبو شريح) رواه أبو داود وغيره].

وإسناد هذا الحديث صحيح، وفيه دليل على تغيير الكنى والأسماء إذا كانت محرمة، وفيه النهي عن التسمي بشيءٍ من أسماء الله سبحانه وتعالى الخاصة، فلو أن إنساناً سمى نفسه الرحمن أو الله أو نحو ذلك فذلك لا يجوز أبداً، فقوله: (إن الله هو الحكم وإليه الحكم) تعليل لنهيه عن التكني بأبي الحكم، وكنوه بذلك لا لأن له ولداً اسمه الحكم، وإنما لكونه كان يحكم بين قومه، وقوله صلى الله عليه وسلم: (ما أحسن هذا) يعني: ما أحسن أن يصلح الإنسان بين قومه، وإلا فإن الحكم لا بد من أن يكون بالشريعة.

فليس قول النبي صلى الله عليه وسلم: (ما أحسن هذا) إقراراً لما كان يحكم به من الأمور الشركية لا، وإنما المقصود بالحكم هنا: الصلح، يعني: أن يجتهد في الصلح بينهم، ولو أن إنساناً وقال: لا، فالحديث صريح في أن النبي صلى الله عليه وسلم أقره على حكمه السابق، فإننا نقول له: هذا الحديث محتمل، والقاعدة أن أي حديث أو آية محتملة ترد إلى المحكمة، وعندنا عشرات الآيات محكمة في أن الحكم لله، حيث يقول الله عز وجل: {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} [يوسف:٤٠]، ويقول سبحانه وتعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة:٤٤]، ويقول تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ} [النساء:٦٠] ونحو ذلك من الآيات المحكمة الظاهرة في أن الحكم يجب أن يكون لله عز وجل وبما أنزل الله سبحانه وتعالى، ولا يكون بالأهواء والشهوات.

<<  <  ج: ص:  >  >>