للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أهمية الوفاء بالعقود والعهود]

المراد بهذا الباب هو تعظيم ذمة الله سبحانه وتعالى وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم، وهو يدل على أهمية الوفاء بالعقود والعهود، سواء أكانت هذه العقود والعهود فردية أم جماعية، والله عز وجل يقول: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا} [النحل:٩١] لأنَّ نقضَ العهد بدون نبذٍ لصاحب العهد خيانة وغدر، وهذا لا يجوز، ويدخل في هذا أن يدخل أحد الكفار بلاد المسلمين بعهد، فلا يجوز قتله ولو كان كافراً، فالكفار إذا كانوا غزاةً يختلفون عنهم إذا كانوا معاهدين، فليس المانع من قتل الكافر وهو في بلاد المسلمين كونه كافراً، وإنما المانع هو كونه معاهداً؛ لأنه دخل بأمان، فلا يصح قتله إلا في حالة أن يكون غازياً للمسلمين، فدخوله في بلاد المسلمين يجعله حلال الدم، فيجوز قتله بحسب قدرة أهل الإسلام وبحسب إمكاناتهم واستطاعتهم.

والحقيقةُ أن هناك إشكالات كبيرة في هذه القضية، ولها جوانب متعددة، ولهذا نجد أن أشخاصاً قد يخطئون في فهم هذه القضية، وهي قضية حساسة، وينبغي التفريق بين من يأتي وهو غازٍ ومن يأتي وهو مستأمن، فهناك فرق كبير بين هاتين الحالتين، وكثير من الناس يخلط في هذه المسألة، وهي مسألة بحاجة إلى بحث وتحقيق ودراية، وهي من مسائل الفقه المهمة التي ينبغي للإنسان أن يدركها إدراكاً صحيحاً، خاصة أن كثيراً من العهود قد لا تكون عهوداً مشروعة، وقد لا تكون مشروعة، وبناءً على هذا قد يجد بعض الناس من يناقش في بعض هذه العهود وعلى هذه العقود وأنها عقود غير صحيحة، وبناءً على هذا لا يكونون -كما يقولون- معاهدين، أم من أهل الذمة، فهذه الآية فيها خلاف في تصور المعاهد، وكيف يكون معاهداً وكيف لا يكون معاهداً.

وهي -كما قلت- من المسائل الحساسة التي ينبغي للإنسان أن يدركها إدراكاً جيداً.

<<  <  ج: ص:  >  >>