للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[النهي عن رد من سأل بالله]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [بابٌ لا يرد من سأل بالله.

عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من استعاذ بالله فأعيذوه، ومن سأل بالله فأعطوه، ومن دعاكم فأجيبوه، ومن صنع إليكم معروفاً فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئوه فادعو له حتى تُروا أنكم قد كافأتموه) رواه أبو داود والنسائي بسندٍ صحيح.

بابٌ: لا يسأل بوجه الله إلا الجنة.

عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يسأل بوجه الله إلا الجنة) رواه أبو داود].

نلحظ هنا أن هذين البابين بينهما علاقة، فالباب الأول (لا يرد من سأل بالله) سبحانه وتعالى، فهذا خطاب للمسئول، فمن سأل بالله فلا يرده المسئول، والباب الثاني يتعلق بالسائل، فالسائل لا يسأل بوجه الله إلا الجنة، والمسئول إذا سأل بالله فلا يرده تعظيماً لله سبحانه وتعالى.

والمقصود من هذا الباب هو بيان عظمة الله سبحانه وتعالى، وأن الإنسان إذا سأل بالله شخصاً سؤال عزيمة وليس هناك مفسدة تترتب على تحقيق سؤاله بالله عز وجل، فلا شك في أنه يجب عليه أن يجيب هذا السائل؛ لأن لله عز وجل منزلة عظيمة في نفس المسلم ونفس المؤمن، فلا بد من أن يجيب السائل إذا سأله بالله عز وجل، وهذا مقيد بشرط ألا يكون هناك مفسدة تترتب على هذا الأمر.

والباب الثاني يتعلق بالسائل، وهو الحديث الذي رواه أبو داود: (لا يسأل بوجه الله إلا الجنة)، وهذا الحديث ضعيف؛ لأن في إسناده سليمان بن قرم، وهو ضعيف، وقد تفرد بهذا الحديث، والمقصود من إيراد المصنف له هو تعظيم الله سبحانه وتعالى بألا يسأل بوجهه الكريم إلا أعظم أمرٍ يريده الإنسان، وهو الجنة، وأما الأمور اليسيرة فإنه لا ينبغي للإنسان أن يسأل فيها بوجه الله، وليس المقصود به النهي عن سؤال الله عز وجل بوجهه الكريم، وإنما المقصود نهي الخلق عن أن يسأل بعضهم بعضاً بذلك، أما سؤال الإنسان الله عز وجل بوجهه الكريم -أي: اتخاذه وسيلة- فالأصل فيه الجواز؛ لأنه من التوسل الجائز، فهو من التوسل بصفات الله عز وجل، والله عز وجل يقول: {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} [الأعراف:١٨٠] والوجه صفة من صفاته.

إذاً: المقصود بالحديث أولاً ألا يسأل بوجه الله إلا أمراً عظيماً وهو الجنة، وقوله: (لا يسأل بوجه الله)، يحتمل أنه لا يسأل الله عز وجل، ويحتمل أنه لا يسأل المخلوق، فأما سؤال المخلوق بوجه الله فهو ظاهر وواضح، وأما سؤال الله عز وجل بوجهه الكريم فلا شك في جوازه؛ لقوله تعالى: {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} [الأعراف:١٨٠]، وهذا الحديث فيه ضعف كما سبق أن بينا.

<<  <  ج: ص:  >  >>