للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الجمع بين كون مآل مرتكب الكبيرة إلى الجنة وما جاء من النصوص في خلوده في النار]

السؤال

ذكرتم أن صاحب التوحيد مصيره إلى الجنة، فما قولكم في قوله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا} [النساء:٩٣]، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى فيها خالداً مخلداً فيها)؟

الجواب

هناك قاعدة من القواعد في الاستدلال، وهي أن أي مسألة من المسائل لابد من جمع الأدلة فيها، فقول الله عز وجل: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا} [النساء:٩٣] هو في مسألة قتل المسلم لأخيه المسلم، لكن هناك آيات أخرى اعتبرت القاتل مسلماً، منها قوله تعالى: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ} [البقرة:١٧٨] فوصفه بالأخوة في الدين، ولو كان كافراً مخلداً في النار لما كان أخاً في الدين.

ثم إن من الأحكام المجمع عليها في مسألة القتل أن ولي الدم يجوز أن يعفو عن القاتل، ولو كان كافراً خالداً في النار لما جاز العفو عنه، ولقتل بسبب الردة والكفر لو كان القتل في ذاته كفراً، وكذلك في سورة الحجرات يقول الله عز وجل: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا} [الحجرات:٩] فوصفهما بالإيمان مع وجود الاقتتال بينهما، فكل هذا يدل على أن القتل ليس كفراً مخرجاً من الملة، بل هو من الذنوب والمعاصي.

وأما قوله تعالى: {خَالِدًا فِيهَا} [النساء:٩٣] فإن الخلود نوعان: الأول: خلود أبدي، وهذا لا يكون إلا للكافر الذي ليس بمسلم.

الثاني: طول المكث، ولهذا عندما يسمون شخصاً باسم خالد هل يقصدون أنه خالد فعلاً لا يموت؟! لا، فهم يعرفون أنه سيموت، ولكن يتمنون له طول الحياة، ولهذا سموه بهذا الاسم، وهذا أمر سائغ في لغة العرب ولا إشكال فيه، وهكذا يفهم حديث: (من تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى فيها خالداً مخلداً فيها).

<<  <  ج: ص:  >  >>