أما مسألة إثبات توحيد الألوهية بالأدلة العقلية وأن الله عز وجل هو وحده المتفرد باستحقاق العبادة فقد جاء ذلك من خلال دلالتين: الدلالة الأولى: دلالة الربوبية على الألوهية.
والدلالة الثانية: دلالة الكمال والأسماء الحسنى والصفات العليا على توحيد الألوهية.
أما النوع الأول -وهو الاستدلال بتوحيد الربوبية على كونه إلهاً- فهو واضح جداً، وهو أن الله عز وجل هو الخالق، والرازق، والمحيي، والمميت وحده، وأنه سبحانه وتعالى مالك لكل شيء، وأنه المدبر لكل شيء، فهذا هو المستحق أن يعبد.
ولو عرضت على عقلك قولك: هل المستحق للعبادة والتعظيم هو الذي يدبر ويخلق ويرزق والذي بيده كل شيء، أم الفقير المسكين الذي ليس بيده شيء؟ فإنك ستقول حالاً: المستحق للعبادة هو هذا الموصوف بهذه الصفات العظيمة، والذي له الربوبية، ولهذا يقول الله عز وجل:{إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ}[الأنبياء:٩٢]، ويقول الله عز وجل:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}[البقرة:٢١]، فاستدل بكونه الخالق على كونه هو المعبود سبحانه وتعالى، ولهذا أدلة نماذج كثيرة غير هذه الأدلة.
النوع الثاني: دلالة الكمال، فكونه كونه سبحانه وتعالى هو المتفرد بالكمال يدل على أنه هو المستحق وحده للعبادة دون شريك، وأوضح ما يدل على ذلك آية الكرسي:{اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ}[البقرة:٢٥٥] فهو سبحانه يذكر صفاته، وأنه هو وحده المستحق للعبادة، ولهذا كانت أعظم آية في كتاب الله.