للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الرد على شبهة حصر العبادة في التقرب إلى من يعتقد فيه الخلق والرزق]

الشبهة الرابعة: تتعلق بمفهوم العبادة، فيقول القبوري: إن الشرك هو عبادة غير الله، وأنا لا أعبد هذه القبور ولا أعبد هذه الأضرحة، فنقول له: أنت تأتي فتذبح عندها، فيقول: هذا ليس عبادة، فنقول: أنت تأتي فتضع النذور عندها، فيقول: هذا ليس عبادة، فنقول: أنت تسجد لها، فيعيد ويقول: هذه كلها ليست عبادة، فنقول له: فما هو تعريف العبادة عندكم؟ فيقول: العبادة عندنا: هي أن تقدم الأعمال التعبدية لمن تعتقده خالقاً رازقاً أي: يربط الأفعال بالربوبية، وعليه لا يقع الشرك إلا في الربوبية فقط، أما في الألوهية فلا يمكن أن يقع الشرك استقلالاً، بل لا بد من أن يربطه بالشرك في الربوبية؛ لأن التوحيد عندهم هو توحيد الربوبية فقط، وأما الألوهية فليست داخلة في التوحيد، وإنما هي من الكمالات ومن الأمور المستحبات، وليست داخلة في أصل الدين.

والرد عليهم في هذه الشبهة يكون بأمور: أولاً: نبين لهم مفهوم العبادة الشرعي، ونبين لهم مفهوم العبادة في اللغة، وأن العبادة في اللغة لم تستخدم في الأفعال التي تقدم لمن يعتقد فيه الرزق، والخلق، والرزق، والتدبير، والربوبية، وإنما التعبد في اللغة هو التذلل، والخضوع، فهي مأخوذة من قولنا: طريق معبد: إذا ذللته الأقدام بكثرة المسير عليه.

وهكذا في عامة لغة العرب، فليس فيها التعريف الذي جاءوا به.

ثم إذا جئنا إلى الشرع سنجد أن الله عز وجل وصف المشركين بأنهم يعبدون غير الله مع أنهم يقرون بأن الله هو الخالق، الرازق وحده، ولا يصرفون لآلهتهم الربوبية، ولهذا فهم يعترفون حقيقة بأنهم لا يضرون ولا ينفعون، ولكن يريدون منهم الشفاعة، والوساطة عند الله سبحانه وتعالى.

ونقول لهم: إن الله عز وجل يقول: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر:٢]، فهل الصلاة إذا صليت لله عبادة؟ فسيضطر إلى أن يقول: نعم، فنقول: هل الذبح لله يوم عيد النحر عبادة؟ فسيقول: نعم هو عبادة، فنقول: إذا صرفتها لله اعتبرتها عبادة، وإذا صرفتها لغير الله لا تعتبرها عبادة! من أين لك هذا التفريق؟! فهذا التفريق ليس له مسوغ وليس عليه دليل، وإنما هو تحكم وهوى.

والرد الآخر: بيان حقيقة عبادة المشركين، وأنهم وقعوا في شرك الدعاء والذبح وطلب الشفاعة من دون الله عز وجل كما سبق بيانه.

<<  <  ج: ص:  >  >>