للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب ما جاء في الرياء]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [باب: ما جاء في الرياء.

وقول الله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكهف:١١٠].

وعن أبي هريرة مرفوعاً: قال الله تعالى: (أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري تركته وشركه)، رواه مسلم].

وهذا دليل صريح وواضح على أن العمل الذي يكون فيه الرياء يكون باطلاً؛ لأنه تعالى قال: (تركته وشركه)، فلو راءى تركه ورياءه.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [عن أبي سعيد مرفوعاً: (ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم عندي من المسيح الدجال؟ قالوا: بلى يا رسول الله.

قال: الشرك الخفي: يقوم الرجل فيصلي فيزين صلاته، لما يرى من نظر رجل) رواه أحمد].

بقي من أنواع الشرك الأصغر باب عقده المصنف خاص بالرياء، والرياء هو أصرح صورة من صور الشرك الأصغر؛ لأنه ورد في الحديث مصرحاً عندما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر، فسئل عنه فقال: الرياء)، وهذا صريح في اعتبار الرياء من الشرك الأصغر.

والرياء: هو أن يعمل الإنسان العمل لغير الله سبحانه وتعالى، فيزين الإنسان صلاته لنظر شخص من الأشخاص إليه، وهذا العمل من الشرك الأصغر، ويكون الرياء كفراً مخرجاً عن الملة بالكلية عندما يراءني بأصل إسلامه، فإذا جعل أصل إسلامه رياءً وفإنه يكون حينئذ منافقاً، أما إذا كان أصل الإسلام لله عز وجل وهو مسلم لله سبحانه وتعالى، لكن حصل له الرياء في بعض أعماله فهذا شرك أصغر، قد يكون شركاً أكبر بحسب العمل الذي يقع فيه الرياء، فإذا أنشأ العمل من أجل الناس فهذا من الشرك الأصغر، وإذا قصد به الإنسان نفسه فإنه يكون تعبداً لغير الله، فلو أن إنساناً قام فدفعه إلى الصلاة رؤية شخص وكانت الصلاة لله فهذا شرك أصغر؛ لأنه لم يصرف عبادة من العبادات لغير الله عز وجل، لكن الصلاة باطلة كلها ولا يقبل منها شيء؛ لأن الدافع هو مدح فلان أو المراءاة لفلان، أما إذا بدأ الصلاة لله سبحانه وتعالى، ثم طرأ عليه الرياء، فإما أن يغلب عليه ويستحسنه ويرتاح له، وإما أن يدفعه عن نفسه، فإن دفعه عن نفسه وجاهد نفسه فإن صلاته صحيحة، وأما إذا استرسل معه واستمر معه فلا تخلو العبادة من نوعين: النوع الأول: أن تكون هذه العبادة مما لا يتجزأ، مثل الصلاة، فتكون باطلة.

النوع الثاني: أن تكون العبادة مما يتجزأ، فما كان فيه مخلصاً فعمله صحيح، وما طرأ عليه الرياء فهو فاسد.

وذلك مثل صلاة التراويح، فقد يصلي الإنسان ركعتين بإخلاص لله تعالى، ثم صلى ركعتين فيرائي فيهما، فتبطل الركعتان اللتان راءى فيهما، وأما الركعتان اللتان أخلص فيهما فهما مقبولتان، مع أن الجميع يُسمى صلاة التراويح.

ومثل صلة الأرحام، فعندما يزور الإنسان أحد أقاربه مخلصاً لله عز وجل يكون عمله مقبولاً، فإن زار بعد ذلك مباشرة أحدهم وطرأ عليه الرياء وارتاح له واستمر معه فزيارته الثانية باطلة وغير مقبولة.

فهذا هو المقصود بالعبادة التي تتجزأ والعبادة التي لا تتجزأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>