للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عَلَى الْعَقْدِ بِالْبَيْعَةِ، وَقِيَاسُ أَبِي بَكْرٍ الزَّكَاةَ عَلَى الصَّلَاةِ فِي قِتَالِ مَنْ مَنَعَ الزَّكَاةَ وَرُجُوعُ أَبِي بَكْرٍ إلَى تَوْرِيثِ أُمِّ الْأَبِ قِيَاسًا عَلَى أُمِّ الْأُمِّ.

، وَقِيَاسُ عُمَرَ الْخَمْرَ عَلَى الشَّحْمِ فِي تَحْرِيمِ ثَمَنِهِ، وَقِيَاسُهُ الشَّاهِدَ عَلَى الْقَاذِفِ فِي حَدِّ أَبِي بَكْرَةَ، وَتَصْرِيحُ عَلِيٍّ بِالْقِيَاسِ عَلَى الِافْتِرَاءِ فِي حَدِّ الشُّرْبِ، وَلَسْنَا نَعْنِي بِالْقِيَاسِ إلَّا هَذَا الْجِنْسَ، وَهُوَ مَعْلُومٌ مِنْهُمْ ضَرُورَةً فِي وَقَائِعَ لَا تُحْصَى، وَلَا تَنْحَصِرُ، وَلْنُعَيِّنْ مَسْأَلَتَيْنِ مَشْهُورَتَيْنِ نُقِلَتَا عَلَى التَّوَاتُرِ، وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْجَدِّ، وَالْإِخْوَةِ، وَمَسْأَلَةُ الْحَرَامِ.

أَمَّا فِي قَوْلِهِ: " أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ أَلْحَقَهُ بَعْضُهُمْ بِالظِّهَارِ، وَبَعْضُهُمْ بِالطَّلَاقِ، وَبَعْضُهُمْ بِالْيَمِينِ، وَكُلُّ ذَلِكَ قِيَاسٌ، وَتَشْبِيهٌ فِي مَسْأَلَةٍ لَا نَصَّ فِيهَا، إذْ النَّصُّ وَرَدَ فِي الْمَمْلُوكَةِ فِي قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} [التحريم: ١] ، وَالنِّزَاعُ وَقَعَ فِي الْمَنْكُوحَةِ، فَكَانَ مِنْ حَقِّهِمْ أَنْ يَقُولُوا:

هَذِهِ لَفْظَةٌ لَا نَصَّ فِيهَا فِي النِّكَاحِ فَلَا حُكْمَ لَهَا، وَيَبْقَى الْحِلُّ، وَالْمِلْكُ مُسْتَمِرًّا كَمَا كَانَ؛ لِأَنَّ قَطْعَ الْحِلِّ، وَالْمِلْكِ أَوْ إيجَابَ الْكَفَّارَةِ يُعْرَفُ بِنَصٍّ أَوْ قِيَاسٍ عَلَى مَنْصُوصٍ، وَلَا نَصَّ، وَالْقِيَاسُ بَاطِلٌ فَلَا حُكْمَ، فَلِمَ قَاسُوا الْمَنْكُوحَةَ عَلَى الْأَمَةِ؟ وَلِمَ قَاسُوا هَذَا اللَّفْظَ عَلَى لَفْظِ الطَّلَاقِ، وَعَلَى لَفْظِ الظِّهَارِ، وَعَلَى لَفْظِ الْيَمِينِ، وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ قَدْ أَغْنَاكُمْ اللَّهُ عَنْ إثْبَاتِ حُكْمٍ فِي مَسْأَلَةٍ لَا نَصَّ فِيهَا؟ وَكَذَلِكَ الْجَدُّ وَحْدَهُ عَصَبَةٌ بِالنَّصِّ، وَالْأَخُ وَحْدَهُ عَصَبَةٌ، وَلَا نَصَّ عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ فَقَضَوْا حَيْثُ لَا نَصَّ بِقَضَايَا مُخْتَلِفَةٍ وَصَرَّحُوا بِالتَّشْبِيهِ بِالْحَوْضَيْنِ، وَالْخَلِيجَيْنِ وَصَرَّحَ مَنْ قَدَّمَ الْجَدَّ، وَقَالَ:

ابْنُ الِابْنِ ابْنٌ فَلْيَكُنْ أَبُو الْأَبِ أَبًا وَصَرَّحَ مَنْ سَوَّى بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْأَخَ يُدْلَى بِالْأَبِ، وَالْجَدَّ أَيْضًا يُدْلِي بِهِ، وَالْمُدَلَّى بِهِ وَاحِدٌ، وَالْإِدْلَاءُ

مُخْتَلِفٌ؛ فَقَاسُوا الْإِدْلَاءَ بِجِهَةِ الْأُبُوَّةِ عَلَى الْإِدْلَاءِ بِجِهَةِ الْبُنُوَّةِ مَعَ أَنَّ الْبُنُوَّةَ قَدْ تُفَارِقُ الْأُبُوَّة فِي أَحْكَامٍ، وَكَذَلِكَ قَالَ زَيْدٌ فِي مَسْأَلَةِ زَوْجٍ، وَأَبَوَيْنِ: لِلْأُمِّ ثُلُثُ مَا بَقِيَ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَيْنَ رَأَيْت فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى ثُلُث مَا بَقِيَ؟ فَقَالَ: أَقُولُ بِرَأْيِي، وَتَقُولُ بِرَأْيِك فَزَيْدٌ قَاسَ حَالَ وُجُودِ الزَّوْجِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ زَوْجٌ، إذْ يَكُونُ لِلْأَبِ ضِعْفُ مَا لِلْأُمِّ، فَقَالَ: نُقَدِّرُ كَأَنَّ الْبَاقِيَ بَعْدَ الزَّوْجِ، وَالزَّوْجَةِ كُلُّ الْمَالِ، وَنُقَدِّرُ كَأَنَّ الزَّوْجَ لَمْ يَكُنْ.

، وَكَذَلِكَ مَنْ فَتَّشَ عَنْ اخْتِلَافَاتِهِمْ فِي مَسَائِلِ الْفَرَائِضِ، وَغَيْرِهَا عَلِمَ ضَرُورَةَ سُلُوكِهِمْ طُرُقَ الْمُقَايَسَةِ، وَالتَّشْبِيهِ، وَأَنَّهُمْ إذَا رَأَوْا فَارِقًا بَيْنَ مَحَلِّ النَّصِّ، وَغَيْرِهِ وَرَأَوْا جَامِعًا.

وَكَانَ الْجَامِعُ فِي اقْتِضَاءِ الِاجْتِمَاعِ أَقْوَى فِي الْقَلْبِ مِنْ الْفَارِقِ فِي اقْتِضَاءِ الِافْتِرَاقِ مَالُوا إلَى الْأَقْوَى الْأَغْلَبِ، فَإِنَّا نَعْلَمُ أَنَّهُمْ مَا طَلَبُوا الْمُشَابَهَةَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ إذْ لَوْ تَشَابَهَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لَاتَّحَدَتْ الْمَسْأَلَةُ، وَلَمْ تَتَعَدَّدْ، فَيَبْطُلُ التَّشْبِيهُ، وَالْمُقَايَسَةُ، وَكَانُوا لَا يَكْتَفُونَ بِالِاشْتِرَاكِ فِي أَيِّ وَصْفٍ كَانَ بَلْ فِي وَصْفٍ هُوَ مَنَاطُ الْحُكْمِ، وَكَوْنُ ذَلِكَ الْوَصْفِ مَنَاطًا لَوْ عَرَفُوهُ بِالنَّصِّ لَمَا بَقِيَ لِلِاجْتِهَادِ، وَالْخِلَافِ مَجَالٌ، فَكَانُوا يُدْرِكُونَ ذَلِكَ بِظُنُونٍ، وَأَمَارَاتٍ، وَنَحْنُ أَيْضًا نَشْتَرِطُ ذَلِكَ فِي كُلِّ قِيَاسٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ إثْبَاتِ عِلَّةِ الْأَصْلِ.

الِاعْتِرَاضُ الْخَامِسُ: أَنَّ الصَّحَابَةَ إنْ قَالُوا بِالْقِيَاسِ اخْتِرَاعًا مِنْ تِلْقَاءِ أَنْفُسِهِمْ فَهُوَ مُحَالٌ، وَإِنْ قَالُوا بِهِ عَنْ سَمَاعٍ مِنْ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، فَيَجِبُ إظْهَارُ مُسْتَنَدِهِمْ، وَالتَّمَسُّكِ بِهِ، فَإِنَّكُمْ تُسَلِّمُونَ أَنَّهُ لَا حُجَّةَ فِيمَا أَبْدَعُوهُ، وَوَضَعُوهُ.

وَنَحْنُ نُسَلِّمُ وُجُوبَ الِاتِّبَاعِ فِيمَا سَمِعُوهُ، فَإِنَّهُ إذَا قَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّكُمْ أَنَّ مَنَاطَ الْحُكْمِ بَعْضُ الْأَوْصَافِ فَاتَّبِعُوهُ. فَإِنَّ الْأَمْرَ كَمَا ظَنَنْتُمُوهُ أَوْ حُكْمَ الظَّانِّ عَلَى مَا ظَنَّهُ فَهِيَ عَلَامَةٌ فِي حَقِّهِ، وَغَيْرُ عَلَامَةٍ فِي حَقِّ مَنْ ظَنَّهُ

<<  <   >  >>